قوله سبحانه : (ثُمَّ بَدا لَهُمْ)
نسبة الفعل إلى الجميع يدلّ على شركتهم في سجنه ، وهو الذي يؤيده اعتبار الحال ؛ فإنّ القصّة لم تلبث كثيرا حتّى شاع بين الناس ، والملكة كانت لا تصبر عنه ؛ وتتخذ الوسائل لإرضائه ، للمطاوعة والقبول ، وتلحّ على الملك بحبسه ، فرأى الملك أن يسجن يوسف ، وأشار إليه بذلك ملاءه ؛ لتنام الفتنة وينقطع الحديث وينسى الأمر ، فأمر به وسجن من غير ذنب منه يوجب ذلك ، بل لصلاح الوقت.
ويؤمي إلى ذلك بعض الإيماء قوله تعالى : (حَتَّى حِينٍ).
وفي تفسير القمّي : عن الباقر ـ عليهالسلام ـ الآيات : شهادة الصبيّ ، والقميص المخرّق من دبر ، واستباقها الباب ، حتّى سمع مجاذبتها إيّاه على الباب ، فلمّا عصاها لم تزل مولعة بزوجها حتى حبسه. (١)
وفي تفسير العيّاشي : عن الرضا ـ عليهالسلام ـ قال السجّان ليوسف : إنّي لأحبّك ، قال : ما أصابني ما أصابني إلّا من الحبّ! إن كانت عمّتي أحبّتني سرّقتني ، (٢) وان كان أبي أحبّني حسدوني إخوتي ، وان كانت إمرأة العزيز أحبّتني حبستني. (٣)
وفيه أيضا عنه ـ عليهالسلام ـ : ما بكى أحد بكاء ثلاثة إلى أن قال : وأمّا يوسف ؛ فإنّه كان يبكي على أبيه يعقوب وهو في السجن ، فتأذى به أهل
__________________
(١). تفسير القمّي ١ : ٢٧٢.
(٢). سرّقه : نسبه إلى السرقة.
(٣). تفسير العيّاشي ٢ : ١٧٥ ، الحديث : ٢١ ؛ تفسير الصافي ٣ : ١٩ ، وفيه «خالتى» بدلا عن «عمّتى» ، المتن مع هذا كلّه مطابق لتفسير الصافي.