إحداهما : أنّه موحّد غير مشرك.
والثاني : إنّ ما جاء به حقّ من عند الله ـ سبحانه ـ ، ولهم الخيرة
إن اختاروا الإيمان فلهم ، وإن اختاروا الكفر فعليهم ، وهما قوله سبحانه : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ
كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ
اللهِ) الآيات وقوله ـ سبحانه ـ : (قُلْ يا أَيُّهَا
النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ).
قوله ـ سبحانه ـ :
(وَلكِنْ أَعْبُدُ
اللهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ)
وصف المعبود تعالى
بالتوفّي لأنّ المقام مقام الإيعاد والتهديد.
قوله ـ سبحانه ـ :
(وَأَنْ أَقِمْ
وَجْهَكَ)
لما كان معنى : (أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ)،
قيل لي أن كن من
المؤمنين صحّ أن يعطف عليه قوله : (وَأَنْ أَقِمْ
وَجْهَكَ) بحسب المعنى ، وقد جمع في الآيتين بين التوحيد بحسب
الإعتقاد ، والتوحيد بحسب الأفعال ، فقوله : (أَنْ أَكُونَ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ) راجع إلى التوحيد بحسب الإعتقاد ، وهو الإيمان بأنّ الله
واحد لا شريك له ، وقوله : (وَأَنْ أَقِمْ
وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) راجع إلى التوحيد في مقام الطاعات والتقرّبات ، وقوله ـ سبحانه
ـ : (وَلا تَدْعُ مِنْ
دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ) ، راجع إلى التوحيد فيما يستقبل الإنسان من الحوادث بحسب
الحياة الدنيا ، فيطمع في شيء ويخاف شيئا ، ويرغب في شيء ، ويلتجيء إلى شيء.
وبالجملة فمحصّل
الآيات : التوحيد في الاعتقاد ، والتوحيد في الأخلاق ، والتوحيد في الأفعال
والأعمال.