فيه حتّى يتوب الله علينا أو نموت.
فخرجوا إلى ذباب (١) جبل بالمدينة ، فكانوا يصومون ، وكان أهلوهم يأتونهم بالطعام فيضعونه ناحية ، ثمّ يولّون عنهم فلا يكلّمونهم ، فبقوا على هذه الحالة أيّاما كثيرة ، يبكون بالليل والنهار ويدعون الله أن يغفر لهم ، فلمّا طال عليهم الأمر ، قال لهم كعب : يا قوم ، قد سخط الله علينا ، ورسوله قد سخط علينا ، وإخواننا سخطوا علينا ، وأهلونا سخطوا علينا فلا يكلّمنا أحد ، فلم لا يسخط بعضنا على بعض ، فتفرّقوا في الليل وحلفوا أن لا يكلّم أحد منهم صاحبه حتّى يموت أو يتوب الله عليه.
فبقوا على هذه ثلاثة أيّام كلّ منهم في ناحية من الجبل لا يرى أحد منهم صاحبه ولا يكلّمه ، فلمّا كان في الليلة الثالثة ، ورسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ في بيت امّ سلمة نزلت توبتهم على رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ. (٢)
أقول : فقوله : (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) يعني مالكا ومرارة وهلالا.
(حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ)
أي المدينة بسبب سخط رسول الله وإخوانهم وأهليهم عليهم.
(وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ)
حيث طال وقوفهم بالجبل ، فحلفوا أن لا يكلّم بعضهم بعضا.
__________________
(١). في المصدر : «ذناب» ، وهو اسم واد لبني مرّة ، والصحيح هنا : «ذباب» ، قال ياقوت : «ذباب» ، بكسر أوله وباءين : جبل بالمدينة له ذكر في المغاذي ، راجع : معجم البلدان ٣ : ٣ ، المغاذي ٣ : ٩٩٥ ، في قصة المتخلّفين المعذّرين.
(٢). تفسير القمّي ١ : ٢٩٦ ؛ تفسير الصافي ٣ : ٤٧٩ ؛ البرهان في تفسير القرآن ٤ : ٤٧١ ؛ الكشف والبيان ٥ : ١٠٥ ـ ١٠٨ ؛ السيرة النبوية ٥ : ٢١٣ ـ ٢٢٠ ؛ تفسير ابن كثير ٢ : ٣٦٠ ـ ٣٦٣ ؛ مجمع البيان ٥ : ١٢١.