يسوقها وتهيّأ النفر الذين أرادوا المكر به وتلثّموا وعقّبوه صلىاللهعليهوآله حتّى إذا صعدها هو ومعه حذيفة وعمّار إذ سمعوا ركزة القوم من ورائهم قد غشوه ، فغضب ـ صلىاللهعليهوآله ـ وأمر حذيفة أن يفرّقهم ، فرجع ومعه محجن ، فاستقبل وجوه رواحلهم وضربها ضربا بالمحجن ، وأبصر القوم وهم متلثّمون ، فرعّبهم الله حين أبصروا حذيفة وظنّوا أنّ مكرهم قد ظهر ، فأسرعوا حتّى خالطوا الناس ، وأقبل حذيفة حتّى أدرك رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ وخرجوا من العقبة ينتظرون الناس وسأل رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ حذيفة عن شأن اولئك النفر ، فقال : كانوا متلثّمين لم أعرفهم ، غير أنّي عرفت راحلة فلان وفلان ، (١) فسمّاهم رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ لحذيفة عن آخرهم بأسمائهم وأخبره بما قصدوا.
فقال أو لا تأمر بهم فتضرب أعناقهم؟ فقال ـ صلىاللهعليهوآله ـ : أكره أن يتحدّث الناس أنّ محمّدا ظهر بأصحابه ، ثمّ وضع يده فيهم. (٢)
ثمّ أمرهما أن يكتماهم بعد ما سمّاهم.
وثمّ سار حتّى بلغ المدينة ، وكان خروجه إلى أن رجع ثمانين يوما.
وقد ظهر منه ـ صلىاللهعليهوآله ـ من حين خرج إلى أن رجع معجزات باهرة مذكورة في كتب السير وجوامع الحديث.
قوله سبحانه : (إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ)
وعد بالعذاب وتشديد.
__________________
(١). المغاذي للواقدي ٣ : ١٠٤٣.
(٢). المغاذي للواقدي ٣ : ١٠٤٤.