يتجلى تكريم الله للانسان ، واحترام ارادته وفكره ومشاعره وترك أمره لنفسه فيما يختص بالهدى والضلال في الاعتقاد ، وتحميله تبعة عمله وحساب نفسه ، وهذه هي أخص خصائص التحرر الانساني ، التحرر الذي تنكره على الانسان في القرن العشرين مذاهب متعسفة ونظم مذلة ، فلا تسمح لهذا الكائن الذي كرمه الله ـ باختياره لعقيدته ـ
ان حرية الاعتقاد هي أول حقوق (الانسان) التي يثبت له بها وصف (انسان) فالذي يسلب انسانا حرية الاعتقاد انما يسلبه انسانيته ابتداء ، ومع حرية الاعتقاد حرية الدعوة للعقيدة ، والامن من الأذى والفتنة. والا فهي حرية بالاسم لا مدلول لها في واقع الحياة.
والاسلام ـ وهو أرقى تصور للوجود وللحياة ، وأقوم منهج للمجتمع الانساني بلا مراء ـ هو الذي ينادي بان (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) وهو لا يوجب على أصحابه اكراه الناس على هذا الدين.
والتعبير هنا يرد في صورة النفي المطلق (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) نفي الجنس كما يقول النحويون. وليس مجرد نهي عن مزاواته. والنهي في صورة النفي ـ والنفي للجنس ـ أعمق ايقاعا وآكد دلالة (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ).
فالايمان هو الرشد الذي ينبغي للانسان ان يتوخاه ويحرص عليه ، والكفر والعناد هو الغي الذي ينبغي للانسان أن ينفر منه وتبقى أن يوصم به ، (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى).
والطاغوت صيغة من الطغيان تشمل كل ما يطغى على الوعي ، ويجور على الحق ويتجاوز حدود العدل التي رسمها خالق الكون ، وكل منهج غير مستمد من الله فهو طاغوت فمن يكفر بهذا كله ويؤمن بالله وحده