وقد يقول ثالث :
بأن طرف المواجهة معنا في هذه السورة هو الانسان الذي لم يفتقد ضميره الحي ، ويملك الوجدان اليقظ (وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ).
وأما اسلوب المواجهة معه أن تصور له الحقائق وتوضحها أمامه وتخاطب وجدانه مباشرة :
(بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ).
(أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً)؟
هذه الاستنباطات المختلفة من هذه السورة ، وقد يتبادر غيرها الى ذهنك.
ولكن لدى الجمع بين هذه الاقوال الثلاثة نكتشف أن السورة غير محدودة بهذه الحدود المعينة ، وانما ميدان مواجهتها أوسع وأكبر بحيث تضم هذه الجبهات الثلاث .. وغيرها ، لان السورة تتعرض لها جميعا.
دقق جيدا في الجو الفكري العام للسورة لتكتشف أن الجبهة التي تواجهها هي : الانسان بكل أبعاده المختلفة وصفاته النفسية المتضادة ، أبعاد الفكر والخيال والقلب والروح ، وصفات.
١ ـ الشك : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ).
٢ ـ الحيرة : (يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ).
٣ ـ الرغبة في الانحراف وعدم تحمل المسؤولية (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ).
٤ ـ والحرص في اللذائذ العاجلة وعدم بعد النظر الاخروي
(كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ).
لذلك تكرر لفظ (الانسان) في هذه السورة كثيرا ، وبمواصفات مختلفة ، وصوت حالاته النفسية كلها.
١ ـ (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ).
٢ ـ (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ).