(انا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا).
وان كانوا يفسرون الروح هنا بالفهم ..
ولكن هذا الفهم لا يؤتيه للانسان الا اذا وصل الى مرحلة من الشفافية الروحية والقدرة على الاستشفاف الفكري ، حتى يتمكن من استيعاب معطيات القرآن وتقمص روحه واستشفاف النور الذي يعطيه للمتقين ، وهم الجماعة الذين توفرت فيهم الشروط لتلقي هذا النور السماوي والتفاعل مع الروح الالهية.
ومن الناحية الفنية ..
تحمل الآيات في ثناياها كل عوامل التأثير النفسي ، وكل عناصر التخشيع الروحي والترقيق العاطفي والحسي ، بل فيها من الصور الفنية ما تفعل فعل السحر ولكنه ليس بسحر ، انه ذكر الله الذي يؤثر في النفوس المؤمنة فيبعث فيها الوجل والخشوع ويزيدها ايمانا وهدى ، فتنبعث كالشرارة الملتهبة لتنير وتحرق درب الحق ، وتحرق أشواك الباطل من امام السائرين.
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ، وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) سورة الانفال ـ آية ٢.
وهذه كلها تشكل سايكولوجية القرآن.
هذه السمفونية الموجودة في الآيات ، والكلمات المنغومة وحتى الاشكال الهندسية في قصر وطول الآيات ضمن كل سلسلة منها ..
هذه كلها تتكلم وتتحرك وفيها روح .. وتنبض بالاحساس. وتتضافر هذه النواحي كلها في صناعة الروح المؤمنة ، وصياغة الانسان في داخل الانسان ، وتحاول انعاشه وتنوير فكره وقلبه ، وتفجير الاحاسيس المختلفة في نفسه ومن قبل هذا او ذاك تحاول اثارة التفكر والتدبر في عقله وتبعثه على التأمل ..