انها أوثان خاوية لانها رموز لأشياء فانية وقضايا زائلة وليست قيما باقية.
والقيم هي التي تستطيع أن تمتن علاقاتكم ببعض أموركم وتوحد أهدافكم واتجاهاتكم وليست هذه الأشياء المادية .. فانها مصالح زائلة.
ليس شط الفرات .. شيء يركن اليه في بناء الحضارة .. لانه اذا جف هذا الشط ـ وهو قابل للجفاف فعلا ـ فسوف تنهار علاقاتكم ويلعن بعضكم بعضا ..
ـ واليوم لا تصلح آبار البترول والطاقة أن تكون اساسا لبناء العلاقات الانسانية والحضارية بين الشعوب ، لان العلاقات المبنية على آبار النفط ستنهار اذا نشفت الآبار وجف البترول كما هو المتوقع.
كذلك ليست الاراضي الخصبة التي تحيط ببابل من كل صوب ..
هي التي يمكن أن تصبح رمز علاقاتكم ، فهذا الحزام الاخضر او هذه المواد الغذائية قد تفنى هي الاخرى فتفني حضارتكم الارضية المادية ..
قال ابراهيم لقومه :
اعبدوا الله ، واجعلوا الله رمز علاقاتكم الانسانية ورمز حضارتكم ، حتى تدوم هذه الحضارة بدوام تلك العلاقات
التي تبقى بدورها ما بقي الله الحي القيوم.
فالله حي باق والحضارة القائمة على أسس القيم الالهية تبقى ولا تفنى أيضا ..
ولكنهم لم يقبلوا نصيحة ابراهيم عليهالسلام ، وبنوا مجتمعا ماديا .. فانهارت تلك الاوثان المادية وانهار مجتمعهم معها.
وكانوا بذلك مثلا سابقا لحضارة القرن العشرين التي تعتمد هي الاخرى ـ في علاقاتها ـ على البترول والذرة والآلة والاتناج .. والمواد الغذائية والخام ، وتجعل هذه الاشياء ـ لا القيم ـ رمزا لعلاقاتها وسوف تنهار هذه الحضارة حين تنهار الاسس المادية التي اعتمدت عليها.
ماذا في التاريخ ج ١٩ ـ ١١