بالقول بأن الحرام هو السبيل الوحيد الى تحقيق الاحلام البشرية في الخلود والعظمة ، ويختم عمله بالتأكيد على هذه الخديعة الكبرى «وقاسمها اني لكما من الناصحين.»
ـ وهذه طريقة كل الآثمين والمضللين في الحياة ، يبدأون قبل كل شيء بالوسوسة والتشكيك ، وينتهون الى وضع يزعمون أن السبيل الوحيد الى المجد والتحرر هو الحرام ، فاذن لابد ان نخشى بداية المنحدر (الوسوسة) والخطوة الاولى الخضوع للتشكيك والتأثر بالاغراءات ، لكي نتجنب الهاوية السحيقة.
٤ ـ ان الانسان لا يرتكب الحرام ليوفر لنفسه ضرورات حياته من الطعام والمأوى والجنس ، فهذه لا تلجىء الانسان الى الحرام كثيرا ـ الا ان تصل الى حد الاضطرار وهي نادرة جدا ـ انما يندفع الانسان الى الحرام بدافع اشباع طموحه في المجد والخلود ، فآدم كان في الجنة ، يأكل منها حيث يشاء رغدا وكانت الى جانبه زوجته حواء يسكن اليها وتسكن اليه ، ولهم في الجنة مستقر وأفضل مأوى ، ولكن حب العظمة والخلود ، هو الذي مكن الشيطان من تضليلهما .. (إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ).
ونحن نشاهد اكثر الجرائم ترتكب واكثر المجازر التي تقام هي من أجل الحصول على الكراسي والمحافظة على التيجان والعروش ، ومن أجل أن يبقى في الحكم يومين اكثر ويستولى على عدة اشبار من اراضي الاخرين ..
٥ ـ ثم القضية كلها تتلخص في الغرور الزائف لا أكثر ، اذ الحرام لن يكون معراجا الى العظمة والخلود ، انما العكس هو الواقع ، اذ حين ذاقا الشجرة بدأ العد العكسي لهبوطهما وأفول نجمهما.
(فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ) وفي آية اخرى (فَأَزَلَّهُمَا) فالغرور اكبر زلة في حياة الانسان وبداية الانتكاسة في حياته ..