٧٩]يرفع «الويل» ، لأنّه اسم مبتدأ ، جعل ما بعده خبره. وكذلك «الويح» ، و «الويل» ، و «الويس» ، إذا كانت بعدهنّ هذه اللام ، ترفعهن. أمّا «التّعس» ، و «البعد» ، وما أشبههما فهو نصب أبدا ، وذلك أنّ كلّ ما من هذا النحو تحسن إضافته بغير لام ، فهو رفع باللام ، ونصب بغير لام ، نحو (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) (١) [المطففين] و «ويل لزيد» ولو ألقيت اللام قلت : «ويل زيد» ، و «ويح زيد» ، و «ويس زيد» ، فقد حسنت إضافته بغير لام ، فلذلك رفعته باللام مثل (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (١٥) (١). وأما قوله (أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ) [هود : ٩٥] و (أَلا بُعْداً لِثَمُودَ) [هود : ٦٨] و (وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ) [محمد : ٨] فهذا لا تحسن إضافته بغير لام. ولو قلت : «تعسهم» أو «بعدهم» ، لم يحسن. وانتصاب هذا كلّه بالفعل ، كأنّك قلت : «أتعسهم الله تعسا» «وأبعدهم الله بعدا». وإذا قلت «ويل زيد» ، فكأنّك قلت «ألزمه الله الويل» (٢). وأمّا رفعك إيّاه باللام ، فإنّما كان ، لأنّك جعلت ذلك ، واقعا واجبا لهم في الاستحقاق. ورفعه على الابتداء ، وما بعده مبني عليه ، وقد ينصبه قوم ، على ضمير الفعل ، وهو قياس حسن ، فيقولون : «ويلا لزيد» و «ويحا لزيد». قال الشاعر (٣) [من الطويل وهو الشاهد التاسع والتسعون] :
كسا اللؤم تيما خضرة في جلودها |
|
فويلا لتيم من سرابيلها الخضر (٤) |
ال الأخفش (٥) «حدّثني عيسى بن
__________________
(١). تكرّرت هذه الآية الكريمة في عشرة مواضع من «المرسلات» ؛ وأمّا في «المطفّفين» فقد وردت مرّة واحدة في الآية العاشرة من هذه السورة ؛ أمّا في «الطور» ٥٢ : ١١ فقد وردت الآية الكريمة بلفظ (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (١١) أي بزيادة الفاء ، على أوّل الآية ، كما وردت في المرسلات والمطفّفين.
(٢). نقل هذه العبارة ، وأفاد المعنى في اعراب القرآن ١ : ٥٩ ، والجامع ٢ : ٨ ، والإملاء ١ : ٤٦.
(٣). هو جرير بن عطية بن الخطفي ، الشاعر المشتهر ، الذي انتخب النقاد العرب من شعره ، خير ما قالته العرب في فنون الشعر المختلفة. انظر ترجمته وأخباره في الأغاني ٧ : ٣٧ و ١٠ : ٢ و ٢٠ : ١٦٩ ، وطبقات الشعراء ٣٧٤ ، والشعر والشعراء ٤٦٤.
(٤). في الديوان ١ : ٥٩٤ ب «فيا خزي تميم» ، وفي الفاخر ٢٨٦ ب «فيا ويل تيم» ، وهو في الكتاب وتحصيل عين الذهب ١ : ١٦٧ وفي شرح المفصّل ١ : ١٢١ ، واللسان «ويل».
(٥). هو أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد الأخفش الأكبر ، انظر ترجمته فيما سبق.