ولهذا الكتاب مزية أخرى تميزها عن سائر المصنفات فى علم الاخلاق بانه يبتنى على اصول الاسلام أولا ، انما يشير الى افكار أرسطاطاليس وجالينوس فى المباحث التى تتعلق بالطبيعيات وعلم التشريح والنفسيات ، لأنه يبحث فى المسائل بطريقة علمية وحجج مقنعة ، فالنظر عنده لا يناقض النقل ويرشد الى ما صح بالنقل والشرع ، ففصل المسائل تحت ظلال القرآن الحكيم ، واقوال الرسول الكريم صلىاللهعليهوسلم.
والكتاب مرتب ، كما سبق ، على قسمين :
قسم يبحث عن الأصول الكلية لعلم الأخلاق ، ويريد ان يكشف عن مرتبة الانسان من مراتب الموجودات ـ فقسم الموجودات فى ثلاثة تقاسيم من حيث الطبيعة والشهوة أولا ومن حيث الوجود والخلق ثانيا ، ومن حيث الكمال والنقصان ثالثا ـ وجاءت محتويات هذا القسم فى اثنى عشر فصلا ـ فانه قد شرح مراتب الارواح البشرية ، وماهية جوهر النفس ، وقوى النفس ، واللذات العقلية واللذات الحسية مستدلا بأقوال الحكماء والمتطببين من اليونانيين وغيرهم مستضيئا من الآيات الكريمة القرآنية والاخبار النبوية على صاحبها الصلاة والسلام ،
والقسم الثانى يشتمل على عشرة فصول ، يبحث عن علاج ما يتعلق بالشهوة والنزوع ، ومباحثه تتعلق بحب المال والجاه ، وعلاج البخل ، والكلام فى الرياء ودرجات اهل الرياء ، وشرح الطاعات البدنية وما يتعلق من الطاعات بالخلق ـ
لا غرو أن الامام الرازى استفاد من كتب المتقدمين ، وخصوصا فى القسم الثانى من احياء علوم الدين للغزالى رح ، ولكنه أجاد وزاد فى بيان العلاج واحتج بحجج قيمة بينها من نفسه واسترشد