الغنائم التي تأخذونها في الحرب ولم يجعلها حلالا لمن قبلكم (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) لكي تشكروا الله وتحمدوه حين تقابلون بين ما أنتم فيه من النّعم وبين الحال التي كنتم عليها قبل ذلك.
٢٧ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ ...) الخيانة ضدّ الأمانة ، والمعنى لا تنقصوا ما أوجبه الله عليكم من طاعته وطاعة رسوله ولا تمنعوا حقّا أوجب الله تأديته (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي تعرفون أن ترك فرائض الله تعالى وسنن نبيّه وتضييع ذلك خيانة لهما ، وتعرفون ما في الخيانة من الذم والقبح والعقاب.
وروى عطا قائلا : سمعت جابر بن عبد الله يقول : إن أبا سفيان خرج من مكة ، فأتى جبرائيل عليهالسلام النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال : إن أبا سفيان في مكان كذا كذا فاخرجوا إليه واكتموا. قال : فكتب إليه رجل من المنافقين أن محمدا يريدكم فخذوا حذركم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية وقيل في سبب نزولها غير ذلك.
٢٨ ـ (وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ...) أي واعرفوا يقينا وتحقّقوا أن أموالكم وأولادكم بلية عليكم ابتلاكم الله سبحانه بها بمعنى أن المال أو الولد قد يورد الإنسان موارد الهلكة ، وقد يرتكب في سبيل هذا أو ذاك ما لا يحلّ له ، ولذلك كان كلّ منهما فتنة يختبر بها الإنسان ليعلم هل يستطيع أن يخرج من هذه الفتنة عاملا بما يرضي الله تعالى قادرا على أن يخرج من هذا الامتحان بنجاح ، فانتبهوا لذلك أيها المؤمنون (وَ) اعلموا (أَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) أي ثواب كثير لمن أطاعه وجاهد نفسه وجاهد عدوّه وقدّم ذلك على ماله وأولاده. وعن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : لا يقولنّ أحدكم : اللهم إني أعوذ بك من الفتنة ، لأنه ليس أحد إلّا وهو مشتمل على فتنة. ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلّات الفتن فإن الله تعالى يقول : (وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ...)