أوصاف محمد (ص) ويميلون الى ما كتبوا من عند أنفسهم وما أملته ميولهم الدنيئة وطبائعهم السخيفة للإبقاء على رئاساتهم وجلب قلوب الناس الى أنفسهم. والليّ هو الفتل ، وكما أن الإنسان يفتل الحبل كيف يشاء كمّا وكيفا فكذلك هؤلاء الفسقة يحرّفون ما شاؤا كما يريدون بلا خوف من الله تعالى وبلا عقيدة بيوم الجزاء. والفرق بين الفريق والفرقة أن الأول هو الطائفة والجماعة من الناس ، والفرقة هي المجموعة الصغيرة .. فهؤلاء المحرّفون يتلون ما حرفوا من كتابهم (لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ) أي لتظنوا أن النص الذي يتلونه منزلا وجزءا من الكتاب المقدس. وقد قال تعالى : لتحسبوه ولم يقل : لتزعموه ، للفرق بين اللفظتين ، فإن : زعم يحتمل في معناها الظن أو اليقين. أما حسب فلا يحتمل معه اليقين أبدا. (وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ) والحال أنه ليس منه بل هو القول المزوّر (وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) اختلافا وافتراء. وهذا يكشف عن عدم تدينهم لا بالموسوية ولا بالعيسوية ولا بما قبلهما ولا بما بعدهما من الرسالات السماوية الشريفة بل هم في ضلالهم يعمهون ، إذ من المستحيل على من يعتقد بالله ويؤمن به وبرسله أن تكون عنده هذه الجرأة في الكذب عليه وعلى رسله ، ثم يدّعون أنه منزل من عند الله (وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) بل افتروه عليه. وفي هذه الجملة كما في سابقتها رد عليهم وتسفيه لزعمهم ، وتأكيد لقوله جلّ وعلا : (وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ) ، وقوله تعالى : (وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ). وإتيان الظاهر مكان الضمير لمشاكلة الرد للمردود ومجانسته ، وهذا يعد من الفصاحة عند العرب. (وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أي يكذبون عليه وهم عالمون بكذبهم. والجملة ناطقة بزيادة التشنيع عليهم بتعمّدهم الكذب عليه سبحانه. فهو يخبر بحالهم ومقالهم ، ويكشف افتراءهم وكذبهم عن علم بالكذب عليه تعالى ، ولذلك فسيكون عقابهم أشد عقاب.
٧٩ ـ (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ ..) أي ما من أحد يرسله الله تعالى هاديا لعباده الى الحق ، ويعطيه (الْكِتابَ) أي علم التشريع لملّته ودستور