أي قبله الله تعالى ورضيه (مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ) بل رفضه لأن قابيل الذي قرّبه لله حاسد لم يقصد به وجه الله تعالى.
وقد قيل في وجه هذه القرعة في القربانين بين هابيل وقابيل ـ كما في تفسير محيي الدين الهمداني وتفسير الكاشاني بفرق بسيط ـ أن الله تعالى قد أمر آدم (ع) أن ينكح كلّا من الأخوين توأم الآخر. فأبى قابيل ذلك لأن توأمه كانت أجمل من توأم أخيه هابيل ، فقال لهما آدم (ع) : قرّبا قربانا. يعني أنه أمرهما بالقرعة التي تكون فاصلا للأمور المشكلة. ولا يخفى أن هذا ـ إن صح ـ يكون بناء على جواز نكاح الأخت في شرع آدم (ع) كما قيل. وقيل بعدم جوازه في أي شرع من شرائع الله تعالى. وقد فصّلنا ذلك في سورة البقرة على ما ببالي. ويؤيد هذا القول المنكر ما روي في العياشي عن الإمام الصادق عليهالسلام ، إذ قيل له : إنهم يزعمون أنه إنما قتل هابيل قابيل لأنهما تغايرا في أختهما. فقال (ع) : تقول ذلك؟ أما تستحي أن تروي هذا على نبيّ الله آدم عليهالسلام؟ ... فقيل : فيم قتل قابيل هابيل؟ فقال : في الوصية. ثم قال : إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى آدم أن يدفع الوصية واسم الله الأعظم إلى هابيل ، وكان قابيل أكبر عمرا. فبلغ ذلك قابيل فغضب وقال : أنا أولى بالكرامة والوصية. فأمرهما أن يقرّبا قربانا بوحي من الله إليه ، ففعلا ، فتقبّل الله قربان هابيل. فحسده قابيل وقتل أخاه هابيل ..
وعلى كل حال فإن هابيل كان صاحب ماشية ، فأخرج منها أحسن غنمه وأسمنه. وكان قابيل ذا زرع فأخرج منه أدونه. ثم صعدا فوضعا القربانين على الجبل ، فأتت النار فأحرقت قربان هابيل ، وبقي قربان قابيل أعلى ما كان ، وكانت علامة القبول هذه النار التي يرسلها الله تعالى على القربان دليل رضاه. لذا غضب قابيل على أخيه وحسده وحلف على قتله فقال : (لَأَقْتُلَنَّكَ) مؤكدا ذلك باللام والنون. مع أن قبول قربان أخيه لم يكن بيده ، بل هو بإرادة الله تعالى الذي يعلم إيمانه وصدق نيّته. ولكن الحسد أكل قلب قابيل وحرّكه على قتل أخيه الذي قال : (إِنَّما يَتَقَبَّلُ