خرجا في جمع من اليهود من المدينة الى مكة ليحالفوا قريشا على محاربة النبيّ (ص) فقالوا : أنتم أقرب الى النبيّ منكم إلينا لأنهم جيرانه في المدينة من جهة ، ولأنهم أهل دين وكتاب من جهة ثانية. فلا نأمن من مكركم بنا ، فاسجدوا لآلهتنا حتى نطمئن إليكم ، ففعلوا. قاتلهم الله على ذلك المكر والعداء ، فإنهم مع ذلك (يَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا. هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً) فإن قريشا سألتهم ، وقالت : أنتم أصحاب كتاب وأهل علم فهل نحن على حقّ في عبادة الأصنام ، أم محمد على حق في دعوته الى الإله الواحد .. فقالوا ـ أخزاهم الله ـ : بل أنتم على حقّ في عبادة ما كان يعبد آباؤكم ومحمد غير صادق في دعوته ، وصفاته ليست مذكورة في كتبنا. فهؤلاء إشارة لكفره من قريش. وقد قال اليهود ذلك ليؤلّبوا قريشا على حرب النبيّ (ص) لأن اليهود من أهل المدينة ، ومحمد (ص) موجود فيها وهو يهدد وجودهم وبقاءهم ، فكذبوا على قريش وعلى أنفسهم ، بل كذبوا على الله تعالى ليربحوا مساعدة قريش في حرب النبيّ (ص) فشهدوا لقريش ، بأنها أهدى سبيلا من المؤمنين بمحمد (ص) وأرشد طريقة.
٥٢ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ ..) أولئك : إشارة لليهود الذين جاؤوا يحزّبون قريشا والأعراب ويؤلّبونهم على حرب النبي (ص) والخلاص منه ليصفو لهم جوّ المدينة ، فقد أخزاهم الله (وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ) يخزيه ويطرده من رحمته (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً) فإنه لا معين له يدفع عنه عذاب الله في الآخرة لأنه مبعد عن الرحمة والمغفرة.
٥٣ ـ (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ ..) كلمة : أم ، منقطعة ، والهمزة فيها للإنكار. والمعنى أنه ليس لهم نصيب ولا حظ من ملك الدنيا. وعلى فرض أنه كان لهم نصيب منه فإنهم حريصون على الدنيا وعلى المال وعلى الملك (فَإِذاً) وحالة كونهم كذلك (لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) أي لا يعطونهم شيئا زهيدا مهما بلغ في الحقارة. والنّقير هو الخيط الحقير الذي يكون ملتصقا بظهر النواة وهو يرمى لتفاهته. وقد شبّه سبحانه بخلهم بمثل