عليهم ، لأنه بناء على قولهم لا يبقى فرق بين الشرك وغيره حيث إن الشرك يغفر بالتوبة : وغيره لو كان غفرانه يحتاج الى التوبة لكان الأمر سيّان وهذا خلاف ظاهر الشريفة والروايات وأقوال العلماء الكبار (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) افترى : أي ارتكب فرية واجترح إثما : ذنبا عظيما : كبيرا بالافتراء عليه سبحانه وجعل الشريك له .. والافتراء يقال للفعل والقول كالاختلاف.
٤٩ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ ..) وهم أهل الكتاب الذين قالوا : نحن أبناء الله وأحبّاؤه ولن يدخل الجنّة إلّا من كان هودا أو نصارى. بل هذا الإلفات لنظر النبيّ (ص) ونظر غيره ، يعمّ كل من كان يزكّي نفسه ويمدحها ، وهو هنا ـ سبحانه ـ يستهزئ بمزكّي أنفسهم (بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ) أي يطهّر وينزّه من الرذائل من يحبه ويريده ويكون أهلا للتزكية (وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) والفتيل هو القشر الذي يكون داخل النّواة أو بين شقيّها ، وهو تافه يمثّل به في حقارة الشيء ، وقد قصد هنا أنه تعالى لا يظلم أحدا ولا يبخسه شيئا من حقه واستحقاقه ولو كان عمله حقيرا تافها كذلك الفتيل ..
٥٠ ـ (انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ ..) وهذا استهزاء آخر بالمشركين من أهل الكتاب ، يلفت الله تعالى نبيّه (ص) الى افترائهم الكذب عليه بزعمهم الشرك وبزعمهم التزكية لأنفسهم من عندهم زورا وبهتانا (وَكَفى بِهِ) أي بكذبهم هذا وافترائهم ، يكفيهم هذا وحده (إِثْماً مُبِيناً) ذنبا كبيرا ظاهرا واضحا يتجلّى في نسبتهم اليه جلّ وعلا ما هو بلا مدرك وبلا مستند ، ولذا ذمّهم على قولهم وسمّاه افتراء.
* * *
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ