وَمَنْ
يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها
وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ (١٤))
١١ ـ (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ ...) أي يبلّغكم بلاغا يتضمّن الأمر به ، ذلك أنه سبحانه يشرع
ويفرض عليكم في أولادكم ، يعني في إرثهم منكم ، إذ يبيّن لكم شأن ميراثهم. والبلاغ
في صدر الآية الشريفة إجمال يجيء تفصيله بعد ذلك.
والكلام الآن في
أن الولد هل يشمل من تولد من الإنسان بواسطة أو بوسائط كما هو الظاهر من رواية
حذيفة عن النبي (ص): بأنه سيد ولد آدم يوم القيامة ، ورواية أم سلمة عن رسول الله (ص):
المهديّ من عترتي ، من ولد فاطمة عليهاالسلام
، ورواية بريدة أن
رسول الله (ص) رأى الحسن والحسين يمشيان ويعثران فنزل عن المنبر وأخذهما ووضعهما
بين يديه وقال : صدق الله ورسوله ، إنّما أموالكم وأولادكم فتنة. رأيت هذين فلم
أتمالك أن نزلت فأخذتهما وقد صححّ الروايات ، مضافا إلى الأكابر من الخاصة ، كثير
من مشايخ العامة كالبيهقي وأحمد ومسلم وابن ماجه وأمثالهم من أعلام الرواية
والصحاح والفتيا. كما أنه ورد عن وائلة عن رسول الله (ص) في حديث : اصطفى من ولد
إسماعيل بني كنانة. فهذه الروايات ونظائرها مما ورد في إطلاق الود على ذوي الوسائط
الكثيرة تدلّ على المدّعي من شمول الولد مطلقا ، أي على ذوي الوسائط وغيرهم على
السواء. وأما التخصيص بالولد بلا واسطة ، أو بذوي الوسائط الكثيرة ، فموكول إلى
القرائن. فقد يقتضي المقام ومناسبة الحكم أن يراد من الولد الذي بلا واسطة ، كما
قد يقال : ولدي ذكيّ ، عالم ، مهذب ، فلذا أحبه وقد أعطيته كذا وكذا. فالقرينة
القائمة تدل بأنه ولده بلا واسطة ، لأننا ندري بأنه لا ولد له غيره.