يعرفون من التوراة إلّا أكاذيب أحبارهم المختلقة ، ولا يفهمون النّصوص ـ حين يسمعونها منهم ـ ويتّبعون قولهم ولو كان على خلاف ما في التوراة (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) بما يقلّدون به رؤساءهم ، مع أنه يحرم عليهم تقليدهم. قال رجل للصادق عليهالسلام : إذا كان عوامّ اليهود لا يعرفون الكتاب إلّا بما يسمعونه من علمائهم ، لا سبيل لهم إلى غيره ، فكيف ذمّهم بتقليدهم والقبول من علمائهم ، وهل عوامّ اليهود إلّا كعوامّنا يقلدون علماءهم؟ ، فإن لم يجز لأولئك القبول من علمائهم لم يجز لهؤلاء. فقال عليهالسلام : بين علمائنا وعوامّنا وبين عوامّ اليهود وعلمائهم فرق من جهة ، وتسوية من جهة ، أما من حيث استووا فإنّ الله قد ذمّ عوامّنا بتقليدهم علماءهم كما قد ذمّ عوامّهم. وأما من حيث افترقوا فلا .. قال : بيّن لي ذلك يا ابن رسول الله (ص). قال : إن عوامّ اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصّريح وأكل الحرام والرّشى ، وبتغيير الأحكام عن واجبها بالشفاعات والعنايات والمصانعات. وعرفوهم بالتعصّب الشديد الذي يفارقون به أديانهم ، وأنّهم إذا تعصّبوا أزالوا حقوق من تعصّبوا عليه ، وأعطوا ما لا يستحقّه من تعصّبوا له من أموال غيرهم وظلموهم من أجلهم. وعرفوهم يقارفون المحرّمات ، واضطرّوا بمعارف قلوبهم إلى أنّ من فعل ما يفعلونه فهو فاسق لا يجوز أن يصدّق على الله ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله. فلذلك ذمّهم لمّا قلّدوا من قد عرفوا ومن قد علموا أنه لا يجوز قبول خبره ، ولا تصديقه في حكايته ، ولا العمل بما يؤدّيه إليهم عمّن لم يشاهدوه. ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله (ص) ، إذ كانت دلائله أوضح من أن يخفى ، وأشهر من أن لا يظهر لهم. وكذلك عوامّنا إذا عرفوا عن فقهائهم الفسق الظاهر ، والعصبية الشديدة ، والتكالب على حطام الدّنيا وحرامها وإهلاك من تعصّبوا عليه. إلى أن قال عليهالسلام : فمن قلّد من عوامّنا مثل هؤلاء الفقهاء ، فهم مثل اليهود الذين ذمّهم الله بالتقليد .. وفي آخر الرواية