والكلمات يحتمل أن تكون قوله تعالى : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا ...) الآية. أو الأسماء الطيبة الخمسة لأهل الكساء (ع) ففيها أقوال عرضت لها التفاسير المفصّلة (فتاب عليه) قبل الله توبته (إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ) كثير القبول للتوبة. وتكرير الضمير وصيغة المبالغة للتأكيد في أن العباد لا بدّ وأن يكثروا التوبة إليه فرغّبهم بها ، لأنه تعالى يحبّ رجوع المذنبين إليه وسؤال العفو بع الندم ، فهو (الرَّحِيمُ) الواسع الرحمة والإشفاق على العباد. وقد قرنت رحمته هنا بالتوبة وعدا منه للتائب بالعفو والإحسان لطفا منه وكرما.
إلفات نظر : هل كان تلقين الله الكلمات لآدم في السماء أم في الأرض؟. الظاهر أنه كان في السماء لأن آية (تلقّى) محفوفة بآيات كلّها بصورة الخطاب ـ إلّا صدر الآية ٢٦ ـ وكلّها كانت في السماء ، وكان طرف الخطاب ـ آدم وحواء ـ فيها أيضا فبقرينة احتفافها بتلك الآيات كانت هذه الآية المشتملة على جمل خبرية حينما كان المخاطبون في السماء ، وكان التلقّي والتلقين أيضا هناك. هذا مضافا إلى أن التلقين والتلقّي يحملان معنى التفهيم المشافهي. بله أن علة هبوط آدم إلى الأرض كانت من أجل أن يكون خليفة لله فيها ، بل خلق من أجل هذا. وخليفة الله تعالى لا يجوز أن يكون مذنبا فتمّت التوبة والتطهير قبل أن تخلع عليه حلية الخلافة وأعباء الرسالة.
ونستنتج أن الهبوط الأول كان الأمر بالانتقال من الدرجة العالية التي كانوا يتنعّمون فيها إلى درجة دنيا تليها أو تنزل عنها درجات ، من سماء إلى سماء أو من درجة في الجنّة إلى درجة أدنى ، أو أنه انحطاط مقامهم المعنوي ، وهبوطهم الشأني ، أما الهبوط الثاني فهو قوله تعالى :
٣٨ ـ (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً) : انزلوا من السماء إلى الأرض كلكم ، بعد تلقّي الكلمات وبعد التوبة ، نزولا وهبوطا حقيقيا فعليا تكليفيا إثباتيّا. والفرق بين الهبوطين واضح ، وهو يدل على أسرار هذا الكتاب الكريم. والضمير في