وروى البخارى (١) ومسلم (٢) عن ابن عباس قال : إنى لواقف فى قوم فدعوا الله لعمر بن الخطاب ـ وقد وضع على سريره ـ إذا رجل من خلفى قد وضع مرفقه على منكبى يقول : رحمك الله. إن كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك لأنى كثيرا ما كنت أسمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : كنت وأبو بكر وعمر وفعلت وأبو بكر وعمر وانطلقت وأبو بكر وعمر. فإنى كنت لأرجو أن يجعلك الله معهما. فالتفت فإذا هو على بن أبى طالب.
والروايات الصحيحة الصريحة عن على فى تفضيله للشيخين من الكثرة بمكان.
يقول ابن تيمية : وهذا مستفيض عن أمير المؤمنين على بن أبى طالب.
ثم ذكر رواية محمد بن الحنفية السابقة وقال : ويروى هذا عن على بن أبى طالب من نحو ثمانين وجها وأنه كان يقول على منبر الكوفة بل قال : لا أوتى بأحد يفضلنى على أبى بكر وعمر إلا جلدته حد المفترى (٣).
والإمام أحمد ينكر على من قدم عليا على عثمان رضى الله عنهما فكيف بمن يقدمه على الشيخين.
وقد سبق أن بينا أنه لا خلاف بين السلف فى تقديم الشيخين على سائر الصحابة.
وفى تقديم عثمان على على رضوان الله عليهما لم يحصل ذلك الإجماع السابق وإن كان معظم السلف على تقديم عثمان. ولم يخالف فى ذلك إلا قلة.
يقول ابن تيمية : وأما عثمان وعلى : فهذه دون تلك. فإن هذه كان قد حصل فيها نزاع فإن سفيان الثورى ، وطائفة من أهل الكوفة : رجحوا عليا على عثمان ثم رجع عن ذلك سفيان وغيره. وبعض أهل المدينة توقف فى عثمان وعلى ، وهى إحدى الروايتين عن مالك ، لكن الرواية الأخرى عنه تقديم عثمان
__________________
(١) فى الصحيح : ٧ / ٢٢.
(٢) فى الصحيح : ٤ / ١٨٥٨ ـ ١٨٥٩.
(٣) مجموع الفتاوى : ٤ / ٤٢٢.