التعليق :
أبو بكر الصديق رضى الله عنه هو أول الخلفاء الراشدين المهديين. ولا خلاف بين صحابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومن تبعهم بإحسان على أحقيته بالخلافة بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم وشرعية ثبوتها له.
والخلافة : هل كان ثبوتها نصا وتوقيفا من رسول الله صلىاللهعليهوسلم أم اختيارا أجمع عليه صحابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم : وقبل بحث هذه المسألة يجدر ذكر خبر بيعته رضوان الله عليه.
روى البخارى (١) فى حديث طويل عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال : «وإنه قد كان من خبرنا حين توفى الله نبيه صلىاللهعليهوسلم أن الأنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم فى سقيفة بنى ساعدة وخالف عنا على والزبير ومن معهما واجتمع المهاجرون إلى أبى بكر فقلت لأبى بكر : يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار فانطلقنا نريدهم ، فلما دنونا منهم لقينا منهم رجلان صالحان فذكرا ما تمالأ عليه القوم فقالا : أين تريدون يا معشر المهاجرين؟ فقلنا : نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار. فقالا : لا عليكم أن لا تقربوهم ، اقضوا أمركم. فقلت : والله لنأتينهم. فانطلقنا حتى أتيناهم فى سقيفة بنى ساعدة ، فإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم. فقلت : من هذا؟ فقالوا : هذا سعد بن عبادة. فقلت : ماله؟ قالوا : يوعك. فلما جلسنا قليلا تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله. ثم قال : أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم ـ معشر المهاجرين ـ رهط ، وقد دفت دافة من قومكم ، فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا وأن يحضنونا من الأمر فلما سكت أردت أن أتكلم ـ وكنت قد زورت مقالة أعجبتنى أريد أن أقدمها بين يدى أبى بكر وكنت أدارى منه بعض الحد ، فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر على رسلك. فكرهت أن أغضبه ، فتكلم أبو بكر ، فكان هو أحلم منى وأوقر ، والله ما ترك من كلمة أعجبتنى فى تزويرى إلا قال فى بديهته مثلها أو أفضل منها حتى سكت : فقال : ما ذكرتم فيكم من
__________________
(١) فى الصحيح : ١٢ / ١٤٥.