ليبين أن خلقه العرش لاستوائه عليه ، ليس لحاجته إليه ، بل له فى ذلك حكمة اقتضته ، وكون العالى فوق السافل ، لا يلزم أن يكون السافل حاويا للعالى محيطا به حاملا له ، ولا أن يكون الأعلى مفتقرا إليه. فانظر إلى السماء كيف هى فوق الأرض وليست مفتقرة إليها؟ فالرب تعالى أعظم شأنا وأجل من أن يلزم من علوه ذلك ، بل لوازم علوه من خصائصه ، وهى حمله بقدرته للسافل ، وفقر السافل وغناه هو سبحانه عن السافل ، وإحاطته عزوجل ، فهو فوق العرش مع حمله بقدرته للعرش وحملته وغناه عن العرش وفقر العرش إليه (١). اه.
والعرش فى اللغة : سرير الملك. قال الله تعالى فى خبر بلقيس : (وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ).
قال شارح الطحاوية : وليس هو فلكا (٢) ولا تفهم منه العرب ذلك والقرآن إنما نزل بلغة العرب (٣). اه.
وقال البيهقى : وأقاويل أهل التفسير على أن العرش هو السرير وأنه جسم مجسم (٤). اه.
وروى عن ابن عباس أنه قال : يسمى عرشا لارتفاعه.
قال ابن تيمية : والاشتقاق يشهد لهذا كقوله تعالى : (وَما كانُوا يَعْرِشُونَ) وقوله : (مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ) ... ومقعد الملك يكون أعلى من غيره. فهذا بالنسبة إلى غيره عال عليه وبالنسبة إلى ما فوقه هو دونه.
وفى الصحيحين : «إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ، فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة وسقفه عرش الرحمن».
__________________
(١) شرح العقيدة الطحاوية ص : ٣١٣.
(٢) وقد فصل ابن تيمية هذه المسألة عند ما سئل : ما تقول فى العرش. هل هو كرى أم لا انظر : مجموع الفتاوى ٦ / ٥٤٥ ـ ٥٨٣.
(٣) شرح العقيدة الطحاوية ص : ٣١١.
(٤) الأسماء والصفات : ٤٩٧.