والأحاديث كثيرة جدا ومن أراد الاستزادة فليراجع كتاب إثبات صفة العلو لابن قدامة فقد عقد فصلا بعنوان «ذكر الأحاديث الصحيحة الصريحة فى أن الله تعالى فى السماء» (١).
وبعد ذكر بعض الدلائل على علو الله عزوجل بذاته على جميع مخلوقاته من الكتاب والسنة ، أذكر الآن دلالة العقل والفطرة :
أما دلالة العقل فقد ذكر الإمام أحمد فى رده على الجهمية أكثر من وجه وتلك الأوجه ذكر نحوها شارح الطحاوية إذ يقول :
أما ثبوته بالعقل فمن وجوه :
أحدهما : العلم البديهى القاطع بأن كل موجودين ، إما أن يكون أحدهما ساريا فى الآخر قائما به كالصفات ، وإما أن يكون قائما بنفسه بائنا من الآخر.
الثانى : أنه لما خلق العالم فإما أن يكون خلقه فى ذاته أو خارجا عن ذاته ، والأولى باطل : أما أولا : فبالاتفاق ، وأما ثانيا فلأنه يلزم أن يكون محلا للخسائس والقاذورات تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. والثانى يقتضي كون العالم واقعا خارج ذاته فيكون منفصلا ، فتعينت المباينة ، لأن القول بأنه غير متصل بالعالم وغير منفصل عنه ـ غير معقول.
الثالث : أن كونه تعالى لا داخل العالم ولا خارجه يقتضي نفى وجوده بالكلية ، لأنه غير معقول : فيكون موجودا إما داخله وإما خارجه.
والأول باطل ، فتعين الثانى فلزمت المباينة (٢).
وأما دلالة الفطرة فيقول ـ أى شارح الطحاوية ـ :
وأما ثبوته بالفطرة فإن الخلق جميعا بطباعهم وقلوبهم السليمة يرفعون أيديهم عند الدعاء ويقصدون جهة العلو بقلوبهم عند التضرع إلى الله تعالى (٣). ا ه.
__________________
(١) انظره : ٤٥ ـ ٥٧ وانظر مجموعة الفتاوى لابن تيمية ٥ / ١٣٧.
(٢) شرح العقيدة الطحاوية ص : ٣٢٥ ، وانظر : مجموعة الفتاوى لابن تيمية ٥ / ١٥٢.
(٣) المصدر السابق.