سرعة تقليب الله لقلوب العباد. وأنهم تحت مشيئته سبحانه. وأما حديث ابن مسعود فتؤول بأن اليهود قوم عرفوا بالتشبيه والنبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم». وقولوا : (آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ) (١) الآية (٢).
قالوا : والنبي صلىاللهعليهوسلم لم يتكلم فى ذلك الموقف وإنما ضحك وضحكه عليه الصلاة والسلام يحتمل الرضى والإنكار. ثم إنه عليه الصلاة والسلام تلا قول الله تعالى : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) وهذا يحتمل الوجهين السابقين.
وقالوا أيضا : إن قول الراوى «تصديقا له» ظن منه وحسبان (٣).
كما أن لهم تأويلات أخرى (٤).
وأما قولهم : إن اليهود عرفوا بالتشبيه فمقتضاه : أن هذا القول ليس قول النبي صلىاللهعليهوسلم. وإنما هو قول اليهودى.
وهذا واضح. ولكن المعروف أن السنة المأثورة عن النبي صلىاللهعليهوسلم إما قوله أو فعله أو إقراره. وعلى قول من يرى أن ضحك النبي صلىاللهعليهوسلم كان تصديقا لليهودى وهو الصحيح فقد تحقق الأمر الثالث فالنبى صلىاللهعليهوسلم وإن كان لم يقله إلا أنه أقره عليه ، والله أعلم. ثم إن إثبات هذه الصفة لم يكن مقتصرا على هذا الحديث فقط فهناك أحاديث أخرى كما تقدم. والله تعالى أعلم.
__________________
(١) أخرجه البخارى ٨ / ١٧٠ من حديث أبى هريرة رضى الله عنه.
(٢) من سورة البقرة» ١٣٦.
(٣) انظر : الأسماء والصفات للبيهقى ص : ٣٣٧ ـ ٣٣٩ ، والجامع لأحكام القرآن للقرطبى ٧ / ٥٧٢٢ ، وفتح البارى ١٣ / ٣٩٨.
(٤) انظر : المصادر المتقدمة ومشكل الحديث لابن فورك ص : ٧٩.