شرح أصول أهل السنة للالكائى (١) والدارقطنى فى الصفات (٢) والرد على الجهمية لابن مندة (٣) والأربعين فى دلائل التوحيد للهروى (٤) فقد رووا جملة من الأحاديث الدالة على هذه الصفة. وفى ما أوردت من الآيات والأحاديث دلالة على اثبات هذه الصفة على الوجه اللائق بكمال الله عزوجل وجلاله دون تكييف أو تشبيه أو تعطيل أو تأويل : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ). وقد عطل النفاة هذه الصفة وأنكروها وزعموا أن ما جاء من الآيات فى هذه الصفة إنما هو بمعنى النعمة أو القدرة أو القوة.
وكما أن السلف أنكروا على المعطلة ومن وافقهم نفى هذه الصفة. كذلك اشتد إنكارهم على المشبهة الذين شبهوا صفات الله بخلقه ـ تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ـ وقد تقدم أن أحمد رحمهالله أنكر بشدة على من قرأ : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) ثم أومأ بيده فقال أحمد : قطعها الله وخرج من المجلس غاضبا.
وكما أن المعطلة والمؤولة زعموا أن فى اثبات ذلك تشبيها لله بخلقه فإن المشبهة زعموا ـ أيضا ـ إن اتفاق الصفات فى الأسماء يستلزم اتفاقها فى المسميات أيضا. فضلوا ضلالا كبيرا بسبب التشبيه الّذي وقعوا فيه : يقول جل وعلا : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) فلا يكون ـ قطعا ـ لله مثيل أو نظير. تعالى الله عن ذلك وتقدس فهو ليس كمثله شيء لا فى ذاته ولا فى صفاته. فكان الواجب على هؤلاء أن يثبتوا هذه الصفات كما أثبتها السلف رضوان الله عليهم (٥).
__________________
(١) ج ٣ / ٤١٢ ـ ٤٢٠.
(٢) ص : ٣٥ ـ ٣٨.
(٣) ص : ٦٧ ـ ٧٨.
(٤) ص : ٦٧ ـ ٧٤.
(٥) وسوف يأتى المزيد من الدراسة حول المشبهة عند : «قول الإمام فى المشبهة» ص : ٣٦٤.