مذهب الأشاعرة : للأشاعرة قولان رئيسان فى زيادة الإيمان ونقصه أذكر هما بإيجاز مع ملاحظة أن الإيمان عندهم عبارة عن التصديق القلبى :
الأول : أنه لا يزيد ولا ينقص لأنه إذا قبل الزيادة والنقص صار شكا.
الثانى : أنه يزيد وينقص تبعا «لكثرة النظر ووضوح الأدلة» (١).
وكما أسلفت عند الكلام على عقيدة أبى الحسن الأشعرى (٢) : موافقته لأهل السنة فى مسائل العقيدة فهو لا يقول بهذا ولا يرتضيه بل قد صرح فى كتابه الأخير الإبانة بالقول بزيادة الإيمان ونقصه على مذهب السلف (٣).
وكل المنكرين للزيادة والنقص إنما ارتكزوا على القاعدة المعروفة عندهم : أن الإيمان إذا ذهب بعضه ذهب كله.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : وأما قول القائل : إن الإيمان إذا ذهب بعضه ذهب كله. فهذا ممنوع ، وهذا هو الأصل الّذي تفرعت منه البدع فى الإيمان فإنهم ظنوا أنه متى ذهب بعضه ذهب كله لم يبق منه شيء. ثم قالت «الخوارج والمعتزلة» : هو مجموع ما أمر الله به ورسوله ، وهو الإيمان المطلق كما قاله أهل الحديث ، قالوا فإذا ذهب شيء منه لم يبق مع صاحبه من الإيمان شيء فيخلد فى النار وقالت «المرجئة» على اختلاف فرقهم : لا تذهب الكبائر وترك الواجبات الظاهرة شيئا من الإيمان إذ لو ذهب شيء منه لم يبق منه شيء فيكون شيئا واحدا يستوى فيه البر والفاجر ، ونصوص الرسول وأصحابه تدل على ذهاب بعضه وبقاء بعضه ، كقوله : «يخرج من النار من كان فى قلبه مثقال ذرة من إيمان (٤)».
__________________
(١) انظر : المواقف في علم الكلام ص : ٣٨٨ ، تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد ص ٥١ ، أصول الدين للبغدادى ص ٢٥٢.
(٢) انظر ص : ٧٤.
(٣) انظر : الإبانة عن أصول الديانة ص : ١٠.
(٤) مجموع الفتاوى : ٧ / ٢٢٣.