لتقوم بدورها الفعّال دون وقفة وتمهال وتسويف ، كذلك المؤتمرات النّاتجة من الأفكار السّليمة البعيدة عن كلّ تحزّب وتشويه وهذا من سوء حظّ أرباب العلم أنّهم أحيانا يواجهون من لا شأن له في هذا الوادي ، إلّا أنّه يملك مفاتيح الخزائن للمراكز الثقافيّة والعلميّة والدينيّة ، فيتواضع لمن ملّكه ، ويركع أمامه للدّنيا ، والتّراث دفين ، ولا يختصّ بمكان وزمان ، بل أصبحت هذه المشكلة عامّة البلوى ، حتّى وصلت إلى مجامعنا التّراثية ، وجامعاتنا التّربوية كما نسمع ونرى.
ولا تختصّ هذه البليّة بمؤلّف كتابنا فحسب بل كتب البلاء على الولاء ثمّ الأمثل ، هذا شيخنا المفيد معلّم الأمّة (رحمهالله) ، حيث تكون مؤلّفاته مكتبة غنيّة تتجاوز أكثر من مائتين وخمسين مؤلّفا ، والّذي وصل منها إلينا لم يبلغ الأربعين ، ومثله شيخ الطّائفة ، وعلم الهدى المرتضى ، والموسوي السيّد الرّضي رحمهمالله جميعا ، قرنا بعد قرن ، من نصير الملّة والدّين الفيلسوف الطّوسي رحمهالله ، إلى الفقيه العلّامة الحلّي ، ومن الصّاحب ابن عبّاد ، إلى يومنا هذا ، كانت مكتبة أهل البيت (عليه السلام) تعاني ممّا تعرضّت له من الحوادث بالرّغم من أنّها غنيّة بالذّات وبالقوّة في جميع المجالات العلميّة ، من الأدب ، والمنطق ، والكلام ، والأصول ، إلى الفقه والتفسير ، والتّاريخ ، وإلى الطّب ، والفنّ ، والأخلاق ، والفلسفة ، والرّياضيات والفلكيّات ، وعلم النّفس والإجتماع.
وأمّا الّتي في أيدينا من العلوم بالفعل ليست إلّا حبّة من سنبلة ، وغرفة من بحر وغيض من فيض.