أتى حذيفة بن اليمان يسأله عن نفسه ، أهو من المنافقين؟ (١).
فما أعجب هذا القول منه إن كان الرّسول (صلىاللهعليهوسلم) قد شهد له بالجنّة ، فما يخلو من أحد أمرين ، إمّا أن يكون ما رووه من شهادة النّبيّ (صلىاللهعليهوسلم) له بالجنّة باطلا ، وإمّا أن يكون الثّاني غير معتمد على ما قال الرّسول (صلىاللهعليهوسلم) ، وإلّا فما معنى مخاطبة حذيفة ، ومسألته إيّاه ، أمنافق هو أم لا؟ ولا يجوز لأحد من المسلمين أن يأمن فيه ما قد خافه هو على نفسه ، والله عزوجل يقول : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (٢).
فذكر هذا المحتج المواطن الّتي قد شكّ فيها في إيمانه ، وقد عارض النّبيّ غير مرّة ، وتقدّم بين يديه (٣).
٢١٣ ـ مِنْهَا قَوْلُهُ لِلنَّبِيِّ (صلىاللهعليهوسلم) يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ ، يَوْمَ وَادَعَ قُرَيْشاً ، وَكَتَبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ كِتَاباً عَلَى أَنَّ مَنْ خَرَجَ إِلَيْهِمْ مِنْ قِبَلِهِ لَمْ يَرُدُّوهُ وَمَنْ خَرَجَ
__________________
= لَا نَدْخُلُهَا؟ قَالَ : أَوَعَدْتُكَ أَنْ تَدْخُلَهَا الْعَامَ؟ قُلْتُ : لَا ، قَالَ : فَسَنَدْخُلُهَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى ، فَاعْتَرَفَ بِشَكِّهِ فَيَدِينُ اللهَ وَنُبُوَّةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ مَوَاضِعَ شُكُوكِهِ.
(١) انظر إحياء العلوم لأبي حامد الغزاليّ ج ١ (صلىاللهعليهوسلم) ٧٨ وص ١٢٤. وفيه : حتّى كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه يسأل حذيفة عن نفسه وأنّه هل ذكر في المنافقين.
(٢) سورة الحجرات : الآية ١٥.
(٣) انظر صحيح مسلم في باب (من لقي الله بالإيمان وهو غير شاكّ فيه دخل الجنّة)