أَقْضِ فِي الْحَدِّ شَيْئاً (١) ، فصار قدوة في القول بالرّأي.
٢٠٦ ـ وممّا نقموا عليه : ما حكم به في الضَّوَالِّ والأمانات مثل عبد آبق من مولاه ، أو دابّة ضالّة ، فحكم في ذلك إن أصابه إنسان في مصر لم يردّ الأمانة فيه لأخيه المسلم حتّى يأخذ منه عشرة دراهم ، وإن أصابه خارجا من البلد ، أخذ منه أربعين درهما ، فصار ذلك سنّة إلى يومنا هذا.
فذكر المحتجّ بهذه الحجج الّتي ذكرناها ، إنّ الشّيطان ، لو قيل له : أحكم واجتهد في مخالفة حكم الله تبارك وتعالى ما قدر أن يحكم إلّا بدون ذلك أن يكون يأمر النّاس بترك ردّ الأمانات إلى المسلمين إلّا بالاجعال ، والله يقول : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) (٢) والثّانيّ يقول : لا تردّوها إلّا بأخذ الاجعال ، فأيّ حكم أفظع من هذا الحكم!.
٢٠٧ ـ وممّا نقموا عليه : قِيَامُهُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ ، يُوعِدُ النَّاسَ الْعُقُوبَةَ لِمَنْ غَالَى فِي مَهْرِ امْرَأَةٍ ، وَيَقُولُ : لَا تُجَاوِزُوا بِهِ فِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِمِائَةٍ فَضَيَّقَ عَلَى النَّاسِ مَا أَبَاحَهُمُ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ (صلىاللهعليهوسلم) مِنَ الْإِكْثَارِ فِي ذَلِكَ ، حَتَّى قَامَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ وَخَطَّأَتْهُ وَاحْتَجَّتْ عَلَيْهِ بِكِتَابِ اللهِ فَقَالَتْ : يَا عُمَرُ ، اللهُ أَحَقُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِقَوْلِهِ مِنْكَ ، فَقَالَ : وَمَا قَالَ اللهُ؟ قَالَتْ : إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَزَّ قَدْ أَبَاحَنَا مِنَ الْمُهُورِ أَكْثَرَ مِمَّا أَبَحْتَ حَيْثُ يَقُولُ : (آتَيْتُمْ
__________________
(١) انظر طبقات ابن سعد ج ٣ (صلىاللهعليهوسلم) ٣٥٢.
(٢) سورة النّساء الآية : ٥٨.