١٩٩ ـ وممّا نقموا عليه : تَعْطِيلُهُ الْحَدَّ فِي الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ الثَّقَفِيِّ ، بَعْدَ مَا شُهِدَ عَلَيْهِ ثَلَاثاً بِالزِّنَا (١) ، وَتَقَدَّمَ الرَّابِعُ (٢) لِيَشْهَدَ ، فَنَظَرَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ : يَا شَيْخَ الْعَرَبِ مَا تَقُولُ أَنْتَ؟ ثُمَّ قَالَ : إِنِّي أَرَى وَجْهَ رَجُلٍ مَا كَانَ اللهُ لِيَفْضَحَ بِشَهَادَتِهِ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ (صلىاللهعليهوسلم) (٣) بِهِ فَجَبَهَهُ أَوَّلاً ثُمَّ لَقَّنَهُ ، فَفَهِمَ تَلْقِينَهُ ، فَخَلَطَ فِي الشَّهَادَةِ ، وَقَالَ : رَأَيْتُ مَنْظَراً قَبِيحاً ، وَسَمِعْتُ نَفَساً عَالِياً ، وَلَمْ أَرَ الَّذِي فِيهِ مَا فِيهِ ، فَقَالَ عُمَرُ : اللهُ أَكْبَرُ ، مَا كَانَ الشَّيْطَانُ لِيَشْمَتَ رَجُلاً بِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ، ثُمَّ جَلَدَ الشُّهُودَ ، فَأَبْطَلَ حَدّاً ، وَلَقَّنَ الشَّاهِدَ الْمُدَاهَنَةَ فِي شَهَادَتِهِ ، فَكَرَّرَ أَحَدُ الشُّهُودِ الثَّلَاثَةِ الْمَضْرُوبِينَ شَهَادَتَهُ (٤) فَأَرَادَ أَنْ يَجْلِدَهُ ثَانِياً ، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) لَمَّا رَآهُ يُرِيدُ أَنْ يَجْلِدَهُ ، وَلَمْ يُجِزْ أَنْ يَجْلِدَ رَجُلاً لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَهُوَ حَاضِرٌ ، وَلَا يُجِيزُ ذَلِكَ فَقَالَ : إِنَّكَ إِنْ جَلَدْتَهُ رَجَمْتُ صَاحِبَكَ ، فَأَمْسَكَ عَنْ جَلْدِهِ إِبْقَاءً عَلَى صَاحِبِهِ ، ولو كان ما جرى إليه في أمر المغيرة بن شعبة وعصبيّة عمر له في الإسلام وهو غضّ طريّ كان يجري في الجاهليّة ، لكان مستبشعا ، وأنّه يُرْوَى أَنَّ قِرْداً زَنَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْقُرُودُ ، فَرَجَمْنَهُ ، فَهَذِهِ الْقُرُودُ تُرْجَمُ ،
__________________
(١) زني مغيرة بن شعبة بامرأة يقال لها : أمّ جميل بنت عمرو زوجة الحجّاج بن عتيك.
(٢) الرّابع كان زياد.
(٣) وفي «ح» : أصحاب محمّد.
(٤) هو : أبو بكرة.