__________________
لنبيّك وكنت مطّلعا من سرّي ، فلمّا رآني أمسك وحفظت الكلام فلمّا انقضى الحجّ وانصرفت إلى المدينة تعمّدت الخلوة به فرأيته يوما على راحلته وحده فقلت له يا أمير المؤمنين بالّذي هو أقرب إليك من حبل الوريد إلّا أخبرتني عمّا أريد أسألك عنه ، قال سل عمّا شئت قال : سمعتك يوم كذا وكذا تقول كذا وكذا ، قال : فكأنيّ ألقمته حجرا وقلت : لا تغضب فوالّذي أنقذني من الجاهليّة وأدخلني في الإسلام ما أردت بسؤالي إلّا وجه الله عزوجل قال : فعند ذلك ضحك وقال : يا حارثة دخلت على رسول الله (صلىاللهعليهوآله) وقد اشتدّ وجعه وأحببت الخلوة به وكان عنده عليّ بن أبي طالب والفضل بن العبّاس ، فجلست حتّى نهض ابن العبّاس وبقيت أنا وعليّ ، فتبيّن لرسول الله ما أردت فالتفت إليّ وقال : جئت لتسألني إلى من يصير هذا الأمر من بعدي فقلت : صدقت يا رسول الله ، فقال :
يا عمر هذا وصييّ وخليفتي من بعدي ، فقلت : صدقت يا رسول الله ، فقال :
هذا خازن سرّي فمن أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني ومن عصاني فقد عصى الله ومن تقدّم عليه فقد كذّب بنبوّتي ، ثمّ أدناه فقبّل بين عينيه وقال : وليّك الله وناصرك وَالَى اللهُ مَنْ وَالاكَ ، فأنت وصييّ وخليفتي من بعدي في أمّتي ، وعلا بكاه وانهملت عيناه بالدّموع حتّى سالت على خدّه وخدّه على خدّ عليّ.
فوالّذي منّ عليّ بالإسلام لقد تمنّيت من تلك السّاعة أن أكون مكانه على الأرض.
ثمّ إلتفت وقال لي : إذا نكث النّاكثون وقسط القاسطون ومرق المارقون فأمّر هذا مقامي حتّى يفتح الله عليه وهو خير الفاتحين ؛
قال حارثة : فتعاظمني ذلك فقلت : وَيْحَكَ يَا عُمَرُ ، كيف تقدّمتموه وقد سمعت ذلك من رسول الله (صلىاللهعليهوآله)؟!