قَالَ : فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يُخَلِّصُوهُ ، فَقَالَ الْأَوَّلُ : لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ مِنًى لَمْ يُخَلِّصُوهُ ، وَلَكِنْ سَلُوهُ بِحُرْمَةِ صَاحِبِ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ فَنَاشَدُوهُ بِذَلِكَ فَتَرَكَهُ.
١٥٠ ـ وَرَوَى الْعُرَنِيُّ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ نَصْرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ الْقَسْرِيَّ ، يَغْتَابُ عَلِيّاً ، وَيَقُولُ : وَاللهِ لَوْ كَانَ فِي أَبِي تُرَابٍ خَيْرٌ مَا أَمَرَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ بِقَتْلِهِ.
فهذا دليل على أنّ الأوّل أمر خالد بن الوليد بقتل عليّ ، وأنّ الخبر في ذلك مستفيض ، ولو أراد عليّ بعد ذلك أمرا لقبض خالدا على رءوس أعدائه قبضة يضرب بعضها ببعض ، فيثير دماغه ودماغ كثير منهم (١) لفعل ، ولكان مليّا بذلك ، ولكن لم يأذن الرّسول في ذلك ، وأراد أن يصبر ويؤجر كما صَبَرَ رَسُولُ اللهِ (صلىاللهعليهوسلم) وَالْأَصْنَامُ تُعْبَدُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، فَأَتَاهُ مَلَكٌ : فَقَالَ : إِنْ شِئْتَ ضَمَمْتُ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ ، وَهُمَا جَبَلَانِ يَكْتَنِفَانِ مَكَّةَ ، وَإِنْ شِئْتَ صَبَرْتَ؟ ، فَقَالَ : بَلْ أَصْبِرُ (٢).
__________________
(١) وفي نسخة «ح» : بعضه بعضا بها وينثر دماغه فيها.
(٢) كما صرّح عليهالسلام في الخطبة الشقشقيّة : «فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى فَصَبَرْتُ وَفِي الْعَيْنِ قَذًى ، وَفِي الْحَلْقِ شَجًى ، أَرَى تُرَاثِي نَهْباً».
قال أحمد المحمودي : ليس هناك حقّ أعظم ممّا غصب بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من حقّ عليّ وفاطمة عليهماالسلام ، وليست مصيبة أفظع من إحراق الباب على أهل البيت الّذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا. ولا يتصوّر فوق ما صبر عليّ وأهل بيته