تُرَاقِبُ الْأُمُورَ كَمَا تَرَى ، وَعَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ فِيمَا تَرَى خَيْراً ، وَإِنِّي أَخْشَى مِنَ الْأَمْرِ أَنْ يَعْظُمَ فَيَأْتِيَ بِمَا فِيهِ الزَّوَالُ ، فَلَمْ يَزَلْ عُثْمَانُ بِعَلِيٍّ حَتَّى مَشَى بِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ ، وَسُرَّ بِذَلِكَ مَنْ حَضَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَخَرَجَتْ بِهِ الرُّكْبَانُ فِي كُلِّ وَجْهٍ وَجَدَّ النَّاسُ فِي الْقِتَالِ ، وكان مع ذلك مذهبه الكفّ عن تحريك الأمر بالسّيف إذ أبصر أسياف الفتن مسلولة (١) ، وشواهد الفساد بادية ، وأرماح القوم توجّهت لأكباد الإسلام وأهله ، فأمسك عن طلب حقّه ، ومع ذلك فإنّ العرب كانت في أمره على طبقات :
فمن رجل قتل عليّ (عليه السلام) أباه وأخاه أو إبنه ، أو إبن عمّه ، أو حميمه أو صفيّه ، أو سيّده ، أو فارسه ، فهو مضطغن (٢) قد أغضب على حقّه (٣) فهو ينتظر الفرصة ، ويترقّب الدّائرة ، قد كشف قناعه وأبدى عداوته ، حتّى قال قائلهم منهم : كيف تهجع (٤) قريش ، وقد قتلت منهم سبعين رجلا تشرب آناقهم الماء قبل شفاههم.
ومن رجل قد أخفى (٥) غيظه وأكمن ضغنه ، وإنّما يحرّكه أوّل علّة
__________________
(١) وفي «ش» : شارعة.
(٢) اضطغن القوم : انطووا على الأحقاد وقابلوا الحقد بالحقد ، يقال : اضطغن فلان على فلان ضغينة أي أضمرها. المنجد في اللّغة.
(٣) وفي «ش» : قد أضبّ على حقده.
(٤) وفي «ش» : كيف يخيّل.
(٥) وفي «ش» : قد زمّل غيظه وأكمن ضغنه.