__________________
آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ. وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً) (الْأَعْرَافَ ١٤٤ و ١٤٥). فَكَانَ يَرَى مُوسَى أَنَّ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا قَدْ أُثْبِتَتْ لَهُ كَمَا تَرَوْنَ أَنْتُمْ أَنَّ عُلَمَاءَكُمْ قَدْ أَثْبَتُوا لَكُمْ عِلْمَ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا فَلَمَّا أَتَى مُوسَى سَاحِلَ الْبَحْرِ فَاسْتَنْطَقَ الْعَالِمَ أَقَرَّ لَهُ بِالْفَضْلِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَحْسُدْهُ كَمَا حَسَدْتُمْ عَلِيّاً فِي فَعَالِهِ فَرَغِبَ مُوسَى إِلَيْهِ وَأَحَبَّ صُحْبَتَهُ وَعَلِمَ الْعَالِمُ أَنَّ مُوسَى لَا يَصْبِرُ عَلَيْهِ وَلَا يُطِيقُ صُحْبَتَهُ فَقَالَ لَهُ : (فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً) (٧٠ / الْكَهْفَ / ١٨) فَخَرَقَ السَّفِينَةَ فَكَانَ خَرْقُهَا لِلَّهِ رِضًا وَسَخَطاً لِمُوسَى وَقَتَلَ الْغُلَامُ وَكَانَ قَتْلُهُ لِلَّهِ رِضًا وَسَخَطاً لِمُوسَى وَأَقَامَ الْجِدَارَ فَكَانَ إِقَامَتُهُ لِلَّهِ رِضًا وَسَخَطاً لِمُوسَى وَكَذَلِكَ كَانَ عَلِيٌّ لَمْ يَقْتُلْ إِلَّا مَنْ كَانَ قَتَلَهُ لِلَّهِ رِضًا وَعِنْدَ أَهْلِ الْجَهَالَةِ مِنَ النَّاسِ سَخَطاً فَاجْلِسْ حَتَّى أُحَدِّثَكَ :
إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَزَوَّجَ زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ أَوْلَمَ وَكَانَتْ وَلِيمَتُهُ الْحَيْسَ وَكَانَ يَدْعُوا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَشْرَةً عَشْرَةً ، فَإِذَا أَصَابُوا طَعَامَ نَبِيِّهِمْ اسْتَأْنَسُوا بِحَدِيثِهِ وَاشْتَهَوْا النَّظَرَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَشْتَهِي أَنْ يُخَلُّوا لَهُ الدَّارَ وَكَانَ يَكْرَهُ أَذَى الْمُؤْمِنِينَ فَأَنْزَلَ اللهُ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) إِلَى قَوْلِهِ : (وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ) (٥٣ / الْأَحْزَابَ : ٣٣) فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ كَانَ النَّاسُ إِذْ دَعَوْا إِلَى طَعَامٍ نَبِيُّهُمْ فَطَعِمُوا لَمْ يَلْبَثُوا فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا ثُمَّ تَحَوَّلَ مِنْ بَيْتِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ إِلَى بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فَمَكَثَ عِنْدَهَا يَوْماً وَصَبَاحَهُ إِلَى الْغَدِ.
فَلَمَّا تَعَالَى النَّهَارُ أَتَى عَلِيٌّ الْبَابَ فَدَقَّهُ دَقّاً خَفِيّاً فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ دَقَّهُ وَأَنْكَرَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : يَا أُمَّ سَلَمَةَ قُومِي فَافْتَحِي الْبَابَ فَإِنَّ بِالْبَابِ رَجُلاً