منه لشدّة زحام
الناس للصلاة عليه ، ومن كثرة بكاء المؤالف والمخالف ، ولا عجب فقد فقد العلم
به حامل لوائه ، وزعيم طلائعه ، ورائد الفكر وفارسه المعلّم وكميّه المقدام ، وثلم
الدين بموته ثلمة لا يسدّها شيء.
كان
قدّس سرّه شيخا ربعة ، نحيفا ، أسمر ، خشن اللباس ، كثير
الصلاة والصوم والتقشّف والتخشّع والصدقات ، عظيم الخشوع ، ما كان ينام من الليل
إلاّ هجعة ثمّ يقوم ويصلّي ، أو يتلو كتاب اللّه ، أو يطالع ، أو يدرّس.
كان مديما
للمطالعة والتعليم ، ومن أحفظ الناس ، قيل إنّه ما ترك للمخالفين كتابا إلاّ حفظه
، وبهذا قدر على حلّ شبه القوم.
كان دقيق الفطنة ،
ماضي الخاطر ، حاضر الجواب ، حسن اللسان والجدل ، ضنين السرّ ، جميل العلانية ، بارعا
في جميع العلوم ، حتّى كان يقال : له على كلّ إمام منّة.
كان نشيطا للبحث والمناظرة
، صبورا على الخصم ، وكان يناظر أهل كلّ عقيدة فلا يدرك شأوه ، ولم يكن في زمانه
من يدانيه أو يضاهيه في هذا المضمار ، حتّى جعل المخالفين في ضيق شديد بقوّة حجّته
وتأثير
__________________