وأما الجهاد فإنه لا قدم لأحدهم فيه فلا يمكن لعاقل دعوى ذلك على شيء من الوجوه وقد ذكر الناس من كان منه ذلك سواهم فلم يذكرهم أحد ولا تجاسر على القول بأنهم بارزوا وقتا من الأوقات قرنا ولا سفكوا لمشرك دما ولا جرحوا في الحرب كافرا ولا نازلوا من القوم إنسانا فالريب في هذا الباب معدوم والعلم بما ذكرناه حاصل موجود.
وأما العلم بالدين فقد ظهر من عجزهم فيه ونقصهم عن مرتبة أهل العلم في الضرورة إلى غيرهم من الفقهاء في أحوال أماراتهم ما أغنى عن نصب الدلائل عليه.
وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآله حكم لجماعة من أصحابه بأحكام فيه فما حكم لأحد من الثلاثة بشيء منه فقال صلىاللهعليهوآله أقرأكم أبي وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ وأفرضكم زيد وأقضاكم علي)) (١).
فكان صلىاللهعليهوآله ناحلا لكل من سميناه سهما من العلم وجامعا سائره لأمير المؤمنين عليهالسلام بما حكم له بالقضاء الذي يحتاج صاحبه إلى جميع ما سماه من العلوم وأخرج أبا بكر وعمر وعثمان من ذلك كله ولم يجعل لهم فيه حظا كما ذكرناه وهذا مما لا إشكال فيه على ذوي العقول.
وأما الإنفاق فقد قلنا فيما تقدم فيه قولا يغني عن إعادته
__________________
(١) سنن الترمذي ٥ : ٦٦٤ / ٣٧٩٠ و ٣٧٩١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٥ / ١٥٤ ، مسند أحمد ٣ : ٢٨١ ، مصابيح السنة ٤ : ١٧٩ / ٤٧٨٧ ، مستدرك الحاكم ٣ : ٤٢٢.