لأمورهم التئام ولا انتظام. وكان أحدهم إذا تولى (سَعى فِي الْأَرْضِ) (١). الآية. وشاع أن شعارهم الحيف على الرعية ، ومد الأيدي الباغية (٢) إلى حريمهم وأموالهم ، والتخطي عن جادة العدل والإنصاف ، وارتكابهم الجور والاعتساف ، حملتنا الحمية الدينية والحفيظة الإسلامية على أن توجهنا إلى تلك البلاد لإزالة هذا العدوان (٣) ، مستصحبين للجم الغفير من العساكر ، ونذرنا على أنفسنا إن وفقنا الله تعالى بحوله وقوته لفتح تلك البلاد أن نزيل العدوان والفساد ، وبسط العدل في العباد (٤) ، ممتثلين الأمر المطاع الإلهي (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) (٥) الآية.
وإجابة إلى ما ندب إليه الرسول صلىاللهعليهوآله سلم : «المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن ، وكلتا يديه يمين ، الذين يعدلون في حكمهم وأهلهم ، وما ولوا» (٦). وحيث كانت طويتنا مشتملة على هذه المقاصد الحميدة ، والنذور الأكيدة ، من الله علينا بتبلج تباشر النصر المبين (٧) ، وأتم علينا سكينته (٨) ،
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ٢٠٥ ، وفي تاريخ السلاطين ٦٢ تكملة الآية (... وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ).
(٢) في تاريخ السلاطين ٦٢ «العادية».
(٣) في تاريخ السلاطين ٦٢ زيادة : «وإماطة هذا العصيان».
(٤) في تاريخ السلاطين ٦٣ «وبسطنا العدل والإحسان في كافة العباد».
(٥) سورة النحل ، الآية ٩٠ ، وفي تاريخ السلاطين تكملة الآية (... يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
(٦) رواه مسلم في الإمارة ، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر ، والحث على الرّفق بالرعية ... رقم ١٨٢٧.
ورواه النسائي في آداب القضاة ، فضل الحاكم العادل في حكمه ، من طريق ابن المبارك ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عمرو بن أوس ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، عن النبي صلىاللهعليهوآله سلم قال : «إن المقسطين عند الله تعالى على منابر من نور على يمين الرحمن الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا». قال محمد في حديث : وكلتا يديه يمين. (سنن النسائي ٨ / ٢٢١ ، ٢٢٢) «وما ولوا» بفتح الواو وضم اللام المخففة أي كانت لهم عليه ولاية. ورواه الإمام أحمد عن سفيان بالسند السابق ، وباللفظ المذكور في المتن أعلاه (المسند ٢ / ١٦٠).
وكلمة «وما ولوا» ساقطة من : تاريخ سلاطين المماليك ٦٣.
(٧) في تاريخ السلاطين ٦٣ زيادة : «والفتح المستبين».
(٨) في تاريخ السلاطين ٦٣ : «وأتم علينا نعمته ، وأنزل علينا سكينته».