وقعة قازان بالخزندار
وعدّت التتار الفرات مع الملك قازان في ستين ألفا ، وأكثر ما قيل إنهم مائة ألف ولم يصحّ. وكثر الدّعاء ، وقنت النّاس في الصّلوات ، وعملت الختم بالجامع.
واجتمعت جيوش (١) الإسلام على حمص ، وحضر النّاس لقراءة «البخاريّ» بدمشق. وأخذ شيخ دار الحديث الأثر وحمله على رأسه إلى الجامع ومعه القضاة ووضعوه تحت النّسر ، وحفوا به يدعون ويبتلون يوم الرابع والعشرين من ربيع الأول. وأخذ فقهاء المكاتب الصّغار وداروا بهم في المساجد يدعون ويستغيثون ربهم تبارك وتعالى. وفعلت اليهود والنصارى ذلك وحملوا توراتهم وإنجيلهم.
وأمّا الجيش فإنّهم تعبوا للمصافّ ، وبقوا ملبسين على الخيل يوم الثلاثاء ، فلم يجيئهم (٢) أحد ، وبلغهم أنّ التّتار بقرب سلمية وأنّهم يريدون الرجوع ، وذلك شناعة ومكيدة ، فركب السّلطان بكرة الأربعاء وساقوا من حمص إلى وادي الخزندار ، وقد حميت الشمس ، فكانت الوقعة في يوم الأربعاء ، الخامسة من النّهار ، السابع والعشرين من الشهر بوادي الخزندار ، شمال حمص بشرق ، على نحو فرسين (٣) من حمص أو ثلاثة. والتحم الحرب ، ودام الطّعن والضرب ، واستمرّ بالتّتار القتل ، ولاحت أمارات النّصر ، وثبت المسلمون إلى عبد العصر ، وثبت السلطان والخاصكيّة ثباتا كلّيا. وانكسرت ميمنة المسلمين ، وجاءهم ما لا قبل لهم به لأن الجيش لم يتكامل يومئذ ، وكانوا بضعة وعشرين ألفا ، وكان العدوّ ثلاثة أمثالهم ،
__________________
= مرآة الزمان ٤ / ورقة ٣٠٥.
(١) في الأصل : «جيش».
(٢) في الأصل. والصواب : «فلم يجبهم».
(٣) كذا. والصواب : «فرسخين».