المصرية سنة بضع وخمسين ، فتفقّه بها على الشيخ عزّ الدين ابن عبد السلام قليلا وسمع منه ومن شيخ الشيوخ شرف الدين الأنصاريّ ، الحمويّ ، والمعين أحمد بن زين الدين ، وإسماعيل بن عزّون ، والنّجيب بن الصّيقل ، وابن علّاق ، وطائفة.
وبدمشق من : شيخ الوقت ابن عبد الدائم ، وعمر الكرمانيّ ، وفراس العسقلانيّ ، وخلق.
وعني بالحديث وأتقن ألفاظه ومعانيه ، وفقهه ، حتى صار من كبار الأئمة ، وذلك مضاف إلى ما فيه من الورع والصّدق والنّسك والديانة والسّمت الحسن والتعفّف ، وملازمة الاشتغال ، والإفادة. وكان فقيها بالشاميّة وبها يسكن ، وله حلقة للإشغال بكرة بجامع دمشق.
عرضت عليه مشيخة دار الحديث النورية فامتنع.
وكان رجلا مهيبا ، مديد القامة يعتمّ بكرّ وهو بزيّ الصّوفية. سمعت عليه واستفدت منه. وله قصيدة مليحة غزلية في صفات الحديث ، سمعتها منه ، أوّلها :
غرامي صحيح والرجاء فيك معضل (١) |
|
وحزني ودمعي مرسل مسلسل |
وهي عشرون بيتا (٢) سمعها منه شيخانا : الدّمياطيّ ، واليونينيّ سنة بضع وستّين. وسمع منه : البرزاليّ ، والمقاتليّ ، والنّابلسيّ ، وأبو محمد بن أبي الوليد وكان من الزم الطلبة له.
وكان مقيما بالشامية ، ولم يسلم بظاهر البلد مكان سواها ، فلما اشتدّ به الإسهال دخل البلد للتّداوي ، فأقام يومين وعبر إلى الله تعالى بتربة أم الصّالح في ليلة الأربعاء تاسع جمادى الآخرة. وشيّعه الخلق إلى مقابر الصوفيّة.
__________________
(١) في طبقات فقها الشافعيين ٢ / ٩٤٠ «مفصل».
(٢) الأبيات في ذيل مرآة الزمان ٤ / ورقة ٣٤٢ ، ٣٤٣.