إليها ، وأقام بها مدّة ثمّ فارقها. وقوي شأن الفرنج بالسّاحل. ثمّ صلح أمر ابن صنجيل في بلاده الّتي بالبحر ، وتوجّه إليها ، واستناب على طرابلس بيمند جدّ صاحبها.
ثمّ مات ابن صنجيل وترك بنتا ، فكان بيمند يحمل إليها كلّ وقت شيئا إلى أن مات ، وقام بعده ولده بيمند الأعور (١) ، فاستقلّ بمملكتها. وكان شهما شجاعا ، وطالت أيّامه ، ثمّ تملّك بعده ولده بيمند (٢) ، ولم يزل إلى حين توفّي ، وكان جميل الصّورة ، جاء إلى التّتار أيّام هولاوو فقدم بعلبكّ ، وطمع أن يعطاها ، فطلع إلى قلعتها ودارها (٣) ، ونازل الملك الظّاهر بلده مرّتين (٤) ، وكان ابن بنت صاحب سيس ، وبيده أيضا أنطاكية ، فهلك وتملّك بعده ابنه (٥) ، فلم تطل مدّته وهلك ، فتملّك بعده «سير تلمية» (٦). وعند ما أخذت طرابلس قصد الميناء فقيل إنّه غرق ، وقيل نجا (٧).
وذكر القاضي شمس الدّين ابن خلّكان (٨) أنّ الفرنج أخذت طرابلس في
_________________
(١) هو «بوهموند بن بوهموند» ، توفي في شهر رمضان سنة ٦٤٩ ه.
(٢) هو «بوهموند السادس» أمير أنطاكية ـ طرابلس ، مات سنة ٦٧٣ ه. ودفن في كنيسة طرابلس. (ذيل مرآة الزمان ٣ / ٩٢).
(٣) وقال قطب الدين اليونيني : «كان حسن الشكل ، مليح الصورة ، رأيته ببعلبكّ في سنة ثمان وخمسين وست مائة ، وقد حضر إلى خدمة كتبغانوين ، وصعد إلى قلعة بعلبكّ ودارها ، وحدّثته نفسه أن يطلبها من هولاكو ويبذل له ما يرضيه ، وشاع ذلك عنه ببعلبكّ ، فشقّ على أهلها وعظم لديهم ، فحصل بحمد الله ومنّته من كسرة التتار في آخر الشهر المذكور ما أمّنهم من ذلك». (ذيل المرآة ٣ / ٩٢).
(٤) كانت الأولى في سنة ٦٦٦ ه. / ١٢٦٨ م. والثانية في سنة ٦٦٩ ه. / ١٢٧١ م. انظر كتابنا : لبنان من السقوط بيد الصليبيين حتى التحرير ٣٠١ و٣١٤ وما بعد هما. وفيه مصادر كثيرة.
(٥) هو «بوهموند السابع» (٦٧٣ ـ ٦٨٦ ه. / ١٢٧٥ ـ ١٢٨٧ م).
(٦) في الأصل : «تلمة» ، والتصحيح من المصادر. وهو «برتلميودي أمبرياكو» ابن «جاي» صاحب جبيل. (لبنان من السقوط... ص ٣٦٤).
(٧) الأغلب أنه قتل. راجع : لبنان من السقوط... ص ٣٧٢ وفيه مصادر عن الموضوع.
(٨) عبارة ابن خلكان ليس فيها تحديد للشهر ، ونصّها فقط : «أخذها الفرنج سنة ثلاث وخمسمائة ، وصاحبها يومئذ أبو علي عمّار بن محمد بن عمّار ، بعد أن حوصرت سبع