فقال القاضي عزّ الدّين : أنا سألت السّلطان أن يحضر معي خصمي : فطلبوا الملك الزّاهر فتغيّب ، فأحضروا ولده الملك الأوحد ، ثمّ قرئ المحضر ، فقال القاضي عزّ الدّين للأوحد : أنا أحلّفك بأنّك ما تعلم أنّ شهودك شهود زور. فقال : أنا أصبو عن هذه القضيّة. ونكل.
وقال عزّ الدّين أيضا : أنا أطلب من الشّهود تعيين الحياصة والعصابة وكم فيهما من جوهر وبلخش. فأفتى بعضهم بلزوم التّعيين ، وتوقّف بعضهم فقال القاضي حسام الدّين : أنا أكشف هذا ، وأسأل أصحابنا ، فإنّ التّعيين يختلف باختلاف الأجناس.
واحضروا في المجلس فحضر ابن السّنجاريّ ، فقرئ وادّعى بمضمونه وكيل بيت المال زين الدّين على القاضي ، فقال : لي دوافع ، منها أنّ ابن السّنجاريّ عدوّي ، ومنها أنّ ابن الحصيريّ حكم عليّ من غير حضوري ولا حضور وكيلي.
فطلب ابن الحصيريّ فلم يتّفق حضوره ، وانفصل المجلس.
ثمّ اجتمعوا بدار الحديث ، وأحضر ابن الحصيري ، فقام عليه الحنفيّة وقالوا : حكمك لا يصحّ. فقال : ليس حكمي بباطل ، ولكنّه لا يلزم الخصم.
وبحثوا في ذلك ، فأحضر كتبا ونقولا. وقال عزّ الدّين : لي بيّنة تشهد بعداوة ابن السّنجاريّ. فقال : أثبت ذلك يا مولانا ، وعليك المهلة ثلاثة أيّام. وطلب ابن السّكاكريّ الحكم من الحنفيّ على عادته وجرأته ، فأخرج القاضي عزّ الدّين فتاوى الفقهاء أنّ الدّعوى من أصلها باطلة ، إذ كانت مجهولة. فأفتى بذلك من حضر المجلس. فقال المشدّ للقاضي. ما تحكم. فقال : لا والله لا أحكم في هذه القضيّة. وقام منزعجا ، وانحلّت القضيّة فكتب بذلك صورة بمجلس. ثمّ بعد أيّام قال المشدّ للقاضي عزّ الدّين : أيش المعمول! قال : تصلّي ركعتين في اللّيل ، وتدعو الله أن يكشف لك أمري ، ومهما خطر لك بعد ذلك فافعل.