قاضي القضاة ، شمس الدّين ، أبو محمد الأدرعيّ (١) ، الحنفيّ.
ولد سنة خمس وتسعين وخمسمائة (٢).
وسمع من : حنبل ، وعمر بن طبرزد ، وأبي اليمن الكنديّ ، وداود بن ملاعب ، والشيخ الموفّق.
وتفقّه ودرّس وأفتى ، وصار المشار إليه في المذهب. وولي عدّة مدارس. وناب في القضاة عن صدر الدّين ابن سنيّ الدّولة ، وغيره.
ثمّ ولي قضاء الحنفيّة لمّا جددت القضاة الأربعة. وكان إماما فاضلا ، ديّنا ، متواضعا ، محمود السّيرة ، حسن العشرة ، قانعا باليسير ، قليل الرّغبة في الدّنيا ، تاركا للتّكلّف.
تفقّه عليه جماعة. ولقد صدع بالحقّ لمّا حصلت الحوطة على البساتين ، فجرى الكلام في دار العدل بدمشق بحضور السّلطان ، فكلّ ألان القول ، وداري الحدّة من الدّولة ، وخشي سطوة الملك ، إلّا هو ، فإنّه قال : ما يحلّ لمسلم أن يتعرّض لهذه الأملاك ، ولا إلى هذه البساتين ، فإنّها بيد أصحابها ، ويدهم عليها ثابتة.
فغضب السّلطان الملك الظّاهر ، وقام وقال : إذا كنّا ما نحن مسلمين أيش قعودنا؟ فأخذ الأمراء في التّلطّف ، وقالوا : لم يقل عن مولانا السّلطان.
ولمّا سكن غضبه قال : أثبتوا كتبنا الّتي تخصّنا عند الحنفيّ. وتحقّق صلابته في الدّين ، ونبل في عينه.
روى عنه : قاضي القضاة شمس الدّين ابن الحريريّ ، وأبو الحسن بن العطّار ، وجماعة.
ومات في جمادى الأولى بمنزله بسفح قاسيون ، وشيّعه خلائق ، ولم يخلف بعده مثله.
__________________
(١) تحرّفت هذه النسبة في (مرآة الجنان ٤ / ١٧٣) إلى «الأوزاعي» ، وكذا في : شذرات الذهب ٥ / ٣٤٠.
(٢) في تاريخ الملك الظاهر ١١٥ «مولده تقريبا سنة ثمان وتسعين وخمس مائة».