دينار ، فاحتاط السّلطان عليها ، واصطفى منها نحو أربعمائة ألف درهم ، وأفرج عن الأملاك والوثائق ، فتمحّق أكثر ذلك.
وله وقف جيّد على البرّ. وكان يشحّ على نفسه باليسير.
وكان أوّلا فقيرا لا مال له ، فاكتسب ذلك بالمعاملة.
٩٧ ـ أبو بكر بن فتيان (١).
الشّطّيّ (٢) ، الزّاهد ، العارف ابن الزّاهد القدوة ، رحمهماالله تعالى.
سكن سفح قاسيون. وكان زاهدا صالحا ، له أحوال وكرامات ومقامات ، وله أتباع ومحبّون ومريدون ، وله شعر كثير رأيته في ديوان مفرد ، وهو شعر طيّب يقع على القلب ، ويحرّك السّاكن ويثير العزم وإن كان ملحونا. فمنه في كان وكان :
يا سعد احذر تجهل وإيّاك تصحب مبتدع |
|
ولا تداني باطل تلعب بك الآفات |
أحذر تخلي التّقوى حوك اتّكالك على النّسب |
|
بو جهل وابن المغيرة خذلوا وهم سادات |
احذر أفاعي الدّعاوى السّمّ في أنيابها |
|
سمومهنّ قواتل ما تنفعوا الرّقيات |
توفّي الشّيخ أبو بكر في جمادى الأولى. وكان أبوه من كبار المشايخ ، رحمهماالله تعالى (٣).
__________________
(١) انظر عن (أبي بكر بن فتيان) في : تاريخ الملك الظاهر ٩٩ ، والمختار من تاريخ ابن الجزري ٢٧٤ ، ٢٧٥.
(٢) الشّطي : نسبة إلى أن أصله من شاطئ الفرات.
(٣) وقال ابن شدّاد : توجّهت في صحبة المولى الصاحب الوزير بهاء الدين ابن حنا إلى الشام ، فحصل لي حضور جنازته ، والصلاة عليه ، فمن عجيب الاتفاق الّذي اتفق أن هذا المتوفّى المذكور ، لما علم الناس بوفاته منهم من بادر بإحضار الكفن رجاء الثواب وشمول بركة المذكور ، فحصل فوق العشرة أكفان ، فلم يقدّر الله أن يكفّن إلّا بالكفن الّذي سيّره المولى الصاحب الوزير بهاء الدين ، فعجب من هذا الاتفاق ، ولا غرو فإن الله سبحانه إذا أحبّ عبدا صرف وجوه الناس إليه ، واستخرج ماله فيما يثيبه عليه. (تاريخ الملك الظاهر ٩٩).