الشّيخ نصير الدّين ، أبو عبد الله الطّوسيّ ، الفيلسوف.
كان رأسا في علم الأوائل ، لا سيما معرفة الرّياضيّ وصنعة الأرصاد ، فإنّه فاق بذلك على الكبار.
قرأ على المعين سالم بن بدران المصريّ المعتزليّ ، الرّافضيّ ، وغيره.
وكان ذا حرمة وافرة ، ومنزلة عالية عند هولاكو. وكان يطيعه فيما يشير به ، والأموال في تصريفه. وابتنى بمدينة مراغة قبّة ورصدا عظيما ، واتّخذ في ذلك خزانة عظيمة عالية ، فسيحة الأرجاء ، وملأها بالكتب الّتي نهبت من بغداد والشّام والجزيرة ، حتّى تجمّع فيها زيادة على أربعمائة ألف مجلّد. وقرّر للرّصد المنجّمين والفلاسفة والفضلاء ، وجعل لهم الجامكيّة.
وكان سمحا جوادا ، حليما ، حسن العشرة ، غزير الفضائل ، جليل القدر ، لكنّه على مذهب الأوائل في كثير من الأصول ، نسأل الله الهدى والسّداد.
توفّي في ذي الحجّة (١) ببغداد ، وقد نيّف على الثّمانين. ويعرف بخواجا نصير.
قال الظّهير الكازرونيّ : مات المخدوم خواجا نصير الدّين أبو جعفر الطّوسيّ في سابع عشري ذي الحجّة ، وشيّعه خلائق وصاحب الدّيوان والكبراء. ودفن بمشهد الكاظم. وكان مليح الصّورة ، جميل الأفعال ، مهيبا ، عالما ، متقدّما ، سهل الأخلاق ، متواضعا ، كريم الطّباع ، محتملا ، يشتغل إلى قري ب الظّهر.
ثمّ طوّل الكازرونيّ ترجمته ، وفيها تواضعه وحلمه وفتوّته.
__________________
(١) ورّخ صاحب «الحوادث الجامعة» وفاته في سنة ٦٧٢ ه ، في ثامن عشر ذي الحجّة.