وجودها والإفصاح عن حقيقتها ، فظهرت بأوضح وأجلى صورها ، فمن هنا وقع أصحاب هذه الفرضية وغيرها في هذه الاشتباهات الواضحة البطلان.
الفرضيّة الخامسة : الشيعة ويوم صفّين
زعم بعض المستشرقين (١) أنّ الشيعة تكوّنت يوم افترق جيش عليّ في مسألة التحكيم إلى فرقتين ، فلمّا دخل عليّ الكوفة وفارقته الحرورية ، وثبت إليه الشيعة ، فقالوا : في أعناقنا بيعة ثانية ، نحن أولياء من واليت وأعداء من عاديت.
وهذا الفهم الخاطئ لهذه الواقعة ، وامتطاء هذه العبارة المذكورة لتحديد نشأة التشيّع يعتمد بالأساس على افتراض أنّ لتكوّن الشيعة تاريخاً مفصولاً عن تاريخ الإسلام ، فأخذ يتمسّك بهذه العبارة ، مع أنّ تعبير الطبري ـ أعني قوله : وثبت إليه الشيعة (٢) ـ دليل على سبق وجودهم على ذلك.
نعم كان للشيعة بعد تولّي الإمام الخلافة وجود واضح حيث ارتفع الضغط فالتفّ حوله موالوه من الصحابة والتابعين ، إلّا أنّ الأمر الثابت هو أنّ ليس جميع من كان في جيشه من شيعته بالمعنى المفروض والواقعي للتشيّع ، بل أغلب من انخرط في ذلك الجيش كانوا تابعين له لأنّه خليفة لهم ، وقد بايعوه على ذلك.
الفرضيّة السادسة : الشيعة والبويهيّون
تقلّد آل بويه مقاليد الحكم والسلطة من عام (٣٢٠) إلى (٤٤٧ ه) ، فكانت لهم السلطة في العراق وبعض بلاد إيران كفارس وكرمان وبلاد الجبل وهمدان
__________________
(١) تاريخ الإمامية ، للدكتور عبد الله فياض : ٣٧.
(٢) تاريخ الطبري ٤ : ٤٦ ط مصر.