وقد انتهى الدكتور بهذه الأُمور إلى القول : بأنّه شخص ادّخره خصوم الشيعة للشيعة ولا وجود له في الخارج (١).
وقد تبعه غير واحد من المستشرقين ، وقد نقل آراءهم الدكتور أحمد محمود صبحي في نظرية الإمامة (٢).
إلى أن وصل الدور إلى المحقّق البارع السيّد مرتضى العسكري ـ دام ظلّه ـ فألّف كتابه «عبد الله بن سبأ» ودرس الموضوع دراسة عميقة ، وهو الكتاب الذي يحلّل التاريخ على أساس العلم ، وقد أدّى المؤلّف كما ذكر الشيخ محمّد جواد مغنية : إلى الدين والعلم وبخاصّة إلى مبدأ التشيّع خدمة لا يعادلها أيّ عمل في هذا العصر الذي كثرت فيه التهجّمات والافتراءات على الشيعة والتشيّع ، وأقفل الباب في وجوه السماسرة والدسّاسين الذين يتشبّثون بالطحلب لتمزيق وحدة المسلمين وإضعاف قوّتهم (٣).
ونحن وإن افترضنا أنّ لهذا الرجل وجوداً حقيقياً على أرض الواقع إلّا أنّ ذلك لا يعني الاقتناع بما نُقل وروي عنه ، لأنّه لا يعدو كونه سوى سراب ووهم وخداع لا ينطلي على أحد. يقول الدكتور أحمد محمود صبحي : وليس ما يمنع أن يستغل يهودي الأحداث التي جرت في عهد عثمان ليحدث فتنة وليزيدها اشتعالاً ، وليؤلّب الناس على عثمان ، بل أن ينادي بأفكار غريبة ، ولكن السابق لأوانه أن يكون لابن سبأ هذا الأثر الفكري العميق ، فيحدث هذا الانشقاق العقائدي بين
__________________
(١) الفتنة الكبرى : فصل ابن سبأ ، وقد لخّص ما ذكرنا من الأُمور من ذلك الفصل الدكتور الشيخ أحمد الوائلي في كتابه هوية التشيّع : ١٤٦.
(٢) نظرية الإمامة : ٣٧.
(٣) عبد الله بن سبأ ١ : ١١ ، والكتاب يقع في جزءين وصل فيهما إلى النتيجة التي تقدّمت ، وقد استفدنا من هذا الكتاب في هذا الفصل.