حشرها ، وفيها مؤمنوها ومنافقوها ، فيرونه بأجمعهم ماثلاً لهم في صورةٍ غير الصورة الّتي كانوا يعرفونها من ذي قبل ، فيقول لهم : أنا ربكم ، فينكرونه متعوّذين بالله منه ، ثمّ يأتيهم مرّة ثانية في الصورة التي يعرفون ، فيقول لهم : أنا ربّكم ، فيقول المؤمنون والمنافقون جميعاً : نعم أنت ربّنا ، وإنّما عرفوه بالساق إذ كشف لهم عنها ، فكانت هي آيته الدالّة عليه ، فيتسنّى حينئذٍ السجودُ للمؤمنين منهم دون المنافقين ، وحين يرفعون رءوسهم يرون الله ماثلاً فوقهم بصورته الّتي يعرفون لا يُمارونَ فيه ، كما كانوا في الدنيا لا يُمارون في الشمس والقمر ، ماثلين فوقهم بجرميهما النيّرين ليس دونهما سحاب ، وإذا به بعد هذا يضحك الربّ ويعجب من غير معجب ، كما هو يأتي ويذهب ، إلى آخر ما اشتمل عليه الحديثان ممّا لا يجوز على الله تعالى ، ولا على رسوله ، بإجماع أهل التنزيه من أشاعرة وغيرهم ، فلا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم (١).
* * *
ب ـ روى البخاري في كتاب الصلاة ، باب مواقيت الصلاة وفضيلتها ، عن قيس (ابن أبي حازم) عن جرير قال : كنّا عند النبيّ صلىاللهعليهوآله فنظر إلى القمر ليلة ـ يعني البدر ـ فقال : «إنّكم ترون ربّكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته ، فإن استطعتم أنْ لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ، ثمّ قرأ : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ)» (٢).
وحديث قيس بن أبي حازم ـ مع كونه معارضاً للكتاب ـ ضعيف سنداً وإن رواه
__________________
(١) كلمة حول الرؤية : ٦٥ ، وهي رسالة قيّمة في تلك المسألة ، وقد مشينا على ضوئها ، رحم الله مؤلّفها رحمة واسعة.
(٢) البخاري ، الصحيح ١ : ١١١ ـ ١١٥ الباب ٢٦ و ٣٥ من أبواب مواقيت الصلاة ط. مصر ؛ ورواه مسلم في صحيحه ، لاحظ صحيح مسلم بشرح النووي ٥ : ١٣٦ ؛ وغيرهما والآية هي ٣٩ من سورة ق.