ومن تبعهم من الإمامية والمعتزلة والزيدية قائلون بامتناعها في الدنيا والآخرة.
فالبيت الأُموي والمنتمون إليه من أهل الحديث كانوا من دعاة التجسيم والتشبيه والجبر وإثبات الجهة ، والرؤية لله سبحانه ، وأما الإمام أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب عليهالسلام وبيته الطاهر وشيعتهم فكانوا من دعاة التنزيه والاختيار ، ومن الرافضين لهذه البدع المستوردة من اليهود بحماس.
وقد نجم في ظلّ العراك الفكري بين العلويين والأُمويين منهجان في مجال المعارف كلّ يحمل شعاراً ، فشيعة الإمام وأهل بيته يحملون شعار التنزيه والاختيار ، والأُمويون وشيعتهم يحملون شعار التشبيه والجبر ، وقد اشتهر منذ قرون ، القول بأنّ : التنزيه والاختيار علويان ، والتشبيه والجبر أُمويان.
فصارت النتيجة في النهاية أنّ كلّ محدّث مُتزلّف إلى البيت الأُموي يحشّد أخبار التجسيم والجبر ، بلا مبالاة واكتراث ، لكن الواعين من أُمّة محمّد الموالين لأهل بيته كانوا يتجنّبون نقل تلك الآثار.
قال الرازي في تفسير قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (١) : احتجّ علماء التوحيد قديماً وحديثاً بهذه الآية على نفي كونه جسماً مركباً من الأعضاء والأجزاء ، حاصلاً في المكان والجهة ؛ فقالوا :
لو كان جسماً لكان مثلاً لسائر الأجسام ، فيلزم حصول الأمثال والأشباه ، وذلك باطل بصريح قوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ـ إلى أن قال :
واعلم أنّ محمّد بن إسحاق بن خزيمة أورد استدلال أصحابنا بهذه الآية في الكتاب الذي سمّاه بالتوحيد ، وهو في الحقيقة كتاب الشرك ، واعترض عليها ، وأنا أذكر حاصل كلامه بعد حذف التطويلات ؛ لأنّه كان رجلاً مضطرب الكلام ، قليل الفهم ، ناقص العقل ، فقال : نحن نثبت لله وجهاً ونقول : إنّ لوجه ربّنا من النور
__________________
(١) الشورى : ١١.