فرضيّات وهميّة لمبدإ التشيّع
لقد تقدّم الحديث منّا في الصفحات السابقة حول ما يمكن تسميته بنشأة التشيّع ، والتي تبيّن لنا بوضوح أنّه لا فصل هنا بين النشأتين ، نشأة الإسلام ، ونشأة التشيّع ، وأنّهما وجهان لعملة واحدة ، إلّا أنّ هناك جماعة من المؤرّخين وكتّاب المقالات ممّن قادهم الوهم وسوء الفهم إلى اعتبار التشيّع أمراً حادثاً وطارئ على المجتمع الإسلامي ، فأخذوا يفتّشون عن مبدئه ومصدره ، وأشدّ تلك الظنون عدوانية فيه ما تلوكه أشداق بعض المتقدّمين والمتأخّرين ، هو كونه وليد عبد الله ابن سبأ ذلك الرجل اليهودي ، الذي ـ بزعمهم ـ طاف الشرق والغرب ، وأفسد الأُمور على الخلفاء والمسلمين ، وألّب الصحابة والتابعين على عثمان فقتل في عقر داره ، ثمّ دعا إلى عليّ بالإمامة والوصاية ، وإلى النبيّ بالرجعة ، وكوَّن مذهباً باسم الشيعة ، فهو كما يتصوّر هؤلاء وصوّروه لغيرهم صنيع ذلك الرجل اليهودي المتظاهر بالإسلام. وبما أنّ لهذا الموضوع أهمية خاصة لما احتلّه من المساحة الواسعة في أذهان العديد من السذج والسطحيّين ، فإنّا لا نكتفي ببيان توهّم واحد بل نأتي على ذكر كلّ تلك الادّعاءات واحدة بعد الأُخرى ، مع رعاية التسلسل الزمني.