وحدّة فهمه ، ووفور حكمته ، وحسن قضاياه ، وصحّة فتواه ، وقد كان أبو بكر وعمر وعثمان وغيرهم من علماء الصحابة يشاورونه في الأحكام ويأخذون بقوله في النقض والإبرام ، اعترافاً منهم بعلمه ، ووفور فضله ، وبرصانة عقله ، وصحّة حكمه ، وليس هذا الحديث في حقّه بكثير ؛ لأنّ رتبته عند الله وعند رسوله وعند المؤمنين أجلّ وأعلى من ذلك (١).
وقال فضل بن روزبهان في ضمن ردّه على حجاج العلّامة بأعلمية أمير المؤمنين بحديثي : «أقضاكم عليّ» ، و «أنا مدينة العلم» ، من طريق الترمذي ، قال ما هذا نصّه : وأمّا ما ذكره المصنّف من علم عليّ فلا شكّ في أنّه من علماء الأُمّة ، والناس محتاجون إليه فيه ، وكيف لا ؛ وهو وصيّ النبيّ في إبلاغ العلم وودائع حقائق المعارف؟ فلا نزاع لأحد فيه ، وما ذكره من صحيح الترمذي صحيح (٢).
وقال المناوي في فيض القدير تفسيراً لقوله صلىاللهعليهوآله : «عليّ عيبة علمي» : أي مظنّة استفصاحي وخاصّتي وموضع سرّي ، ومعدن نفائسي. والعيبة : ما يحرز الرجل فيه نفائسه قال ابن دريد : وهذا من كلامه الموجز الذي لم يسبق ضرب المثل بشيء أراده اختصاصه بأُموره الباطنة التي لا يطّلع عليها أحد غيره ، وذلك غاية في مدح عليّ (٣).
وأخرج الطبراني عن ابن عبّاس أنّه قال : كنّا نتحدّث معاشر أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله عهد إلى عليّ سبعين ، لم يعهدها إلى غيره (٤).
ورواه القندوزي في ينابيعه ثمانين عهداً مكان سبعين (٥).
__________________
(١) كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب : ص ١٩٥.
(٢) دلائل الصدق ٣ : ٥١٥ ط مصر.
(٣) المناوي ، فيض القدير ٤ : ٣٥٦.
(٤) الطبراني ، المعجم الصغير : ص ٦٩.
(٥) القندوزي ، ينابيع المودة : ص ٨٩.